مكابرة الجبرية بضرورة العقل فلزمهم من ذلك محالات:
منها: مكابرة الضرورة، فإن العاقل يفرق بالضرورة بين ما يقدر عليه، كالحركة يمنة ويسرة، والبطش باليد، وبين الحركة الاضطرارية، كالوقوع من شاهق، وحركة المرتعش، وحركة النبض.
ويفرق بين حركات الحيوان الاختيارية، وحركات الجماد، ومن شك في ذلك فهو سوفسطائي، إذ لا شئ أظهر عند العاقل من ذلك، ولا أجلى منه.
يلزم الجبرية إنكار الأحكام الضرورية ومنها: إنكار الحكم الضروري، من: حسن مدح المحسن، وقبح ذمه، وحسن ذم المسئ، وقبح مدحه.
فإن كل عاقل يحكم بحسن مدح من يفعل الطاعات دائما، ولا يفعل شيئا من المعاصي، ويبالغ بالاحسان إلى الناس، ويبذل الخير لكل أحد، ويعين الملهوف، ويساعد الضعيف، وإنه يقبح ذمه، ولو شرع أحد في ذمه.
باعتبار إحسانه عده العقلاء سفيها، ولأمه كل أحد.. ويحكمون حكما ضروريا بقبح مدح من يبالغ في الظلم، والجور، والتعدي، والغضب، ونهب الأموال، وقتل الأنفس، ويمتنع من فعل الخير وإن قل، وأن من مدحه على هذه الأفعال عد سفيها، ولأمه كل عاقل.
ونعلم ضرورة قبح المدح والذم على كونه طويلا أو قصيرا، أو كون السماء فوقه، والأرض تحته، وإنما يحسن هذا المدح والذم لو كان الفعلان