لزم خروج الواجب عن كونه قادرا، ويكون موجبا.. وهذا هو الكفر الصريح، إذ الفارق بين الإسلام والفلسفة هو هذه المسألة.
والحاصل: أن هؤلاء إن اعترفوا بصحة هذين الدليلين لزمهم الكفر، وإن اعترفوا ببطلانهما سقط احتجاجهم بهما.
فلينظر العاقل من نفسه: هل يجوز له أن يقلد من يستدل بدليل يعتقد صحته، ويحتج به غدا يوم القيامة؟ وهو يوجب الكفر، والالحاد؟.
وأي عذر لهم عن ذلك؟ وعن الكفر والالحاد؟ فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا؟، هذه حجتهم تنطق بصريح الكفر على ما ترى. وتلك الأقاويل التي لهم قد عرفت أنه يلزم منها نسبة الله سبحانه إلى كل خسيسة ورذيلة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وليحذر المقلدون، وينظروا كيف هؤلاء القوم الذين يقلدونهم، فإن استحسنوا لأنفسهم بعد البيان والايضاح اتباعهم كفاهم بذلك ضلالا، وإن راجعوا عقولهم، وتركوا اتباع الأهواء، عرفوا الحق بعين الإنصاف، وفقهم الله لإصابة الثواب (1).
في إبطال الكسب المطلب الثاني عشر: في إبطال الكسب.
إعلم: أن أبا الحسن الأشعري وأتباعه لما لزمتهم هذه الأمور الشنيعة، والإلزامات الفظيعة، والأقوال الهايلة، من إنكار ما علم بالضرورة ثبوته، وهو الفرق بين الحركات الاختيارية، والحركات الجمادية، وما شابه ذلك التجأ إلى ارتكاب قول توهم هو وأتباعه الخلاص من هذه الشناعات، ولات حين مناص، فقال مذهبا غريبا عجيبا، لزمه بسببه