أما على مذهب أهل السنة، فلا، لأن الطريق إلى إثباته ليس إلا السمع (1)، فإن العقل إنما يدل على إمكانه، لا على وقوعه، وقد بينا أن العلم بصحة السمع وصدقه إنما يتم على قواعد الإمامية، القائلين بامتناع وقوع القبيح من الله تعالى، لأنه إذا جاز أن يخبرنا بالكذب، أو يخبر بما لا يريده، ولا يقصده، فحينئذ يمتنع الاستدلال بأخباره تعالى على إثبات المعاد البدني، والشك في ذلك كفر فلا يمكنهم حينئذ الجزم بالإسلام البتة.
نعوذ بالله من هذه المقالات التي توجب الشك في الإسلام!.
استحقاق الثواب والعقاب ومنعت الأشاعرة من استحقاق الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية (3)، وخالفوا في ذلك نص القرآن، وهو قوله تعالى: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " (3)، وقال تعالى:
" اليوم تجزى كل نفس بما كسبت " (4): " اليوم تجزون ما كنتم تعملون " (5)، " هل جزاء الاحسان إلا الاحسان " (6)، والقرآن مملوء من ذلك.
وخالفوا أيضا المعقول، وهو قبح التكليف المشتمل على المشقة من غير عوض، لأن الله تعالى غني عن ذلك، ولولا العقاب لزم الاغراء بالقبيح، لأن لنا ميلا إليه، فلولا الزجر بالعقاب لزم الاغراء به، والاغراء بالقبيح قبيح.
ولأنه لطف، إذ مع العلم يرتدع المكلف من فعل المعصية، وقد ثبت وجوب اللطف.