وأيضا إذا كان تعالى خالقا للجميع، من القبايح وغيرها، لا يمتنع منه إظهار المعجز على يد الكاذب. ومتى لم يقطع بامتناع ذلك، انسد علينا باب إثبات الفرق بين النبي، والمتنبي..
وأيضا إذا جاز: أن يخلق الله تعالى القبائح، جاز أن يكذب في إخباره، فلا يوثق بوعده، ووعيده، وإخباره عن أحكام الآخرة، والأحوال الماضية، والقرون الخالية.
وأيضا: يلزم من خلقه القبائح جواز أن يدعو إليها، وأن يبعث عليها، ويحث ويرغب فيها، ولو جاز ذلك جاز أن يكون ما رغب الله تعالى فيه من القبائح، فتزول الثقة بالشرائع، ويقبح التشاغل بها.
وأيضا لو جاز منه تعالى أن يخلق في العبد الكفر، والإضلال، ويزينه له، ويصده عن الحق، ويستدرجه بذلك إلى عقابه، للزم في دين الإسلام جواز أن يكون هو الكفر، والضلال، وأنه تعالى زينه في قلوبنا، وأن يكون بعض الملل المخالفة للإسلام هو الحق، ولكن الله تعالى صدنا عنه، وزين خلافه في أعيننا، فإذا جوزوا ذلك لزمهم تجويز ما هم عليه هو الضلال والكفر، وكون ما خصومهم عليه هو الحق، وإذ لم يمكنهم القطع بأن ما هم عليه هو الحق، وما خصومهم عليه هو الباطل، لم يكونوا مستحقين للجواب...
يلزم الجبرية الظلم والعبث في أفعاله تعالى منها: تجويز أن يكون الله تعالى ظالما عابثا، لأنه لو كان الله تعالى هو الخالق لأفعال العباد، ومنها القبائح، كالظلم، والعبث، لجاز أن يخلقها لا غير، حتى تكون كلها ظلما وعبثا، فيكون الله تعالى ظالما، عابثا، لاعبا، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.