الثامن: في انقطاع التكليف حال الحدوث، وتقديمهم عليه.
ذهبت الإمامية، ومن وافقها من المعتزلة، إلى أن التكليف بالفعل منقطع حال حدوثه، لأنه حينئذ يكون واجبا، ولأنه حالة الحصول، فلو كان مكلفا به حينئذ لزم التكليف، بتحصيل الحاصل، وهو محال.
وأما تقدمه على الفعل، فشئ ذهبت إليه الإمامية، والمعتزلة أيضا، لأنه إنما يكون مكلفا حال القدرة، وهي متقدمة على الفعل، وإلا لزم القدرة على الواجب، وتحصيل الحاصل، والكل محال.
ولأنه لو لم يكن مكلفا قبل الفعل لم يتحقق العصيان، لأن حال العصيان لا طاعة، فلا تكليف بها عندهم، ولا عصيان، وهو باطل بالإجماع.
والأشاعرة خالفوا جميع العقلاء في المسألتين، فقالوا في الأول: إن التكليف ينقطع حال الفعل، وقالوا في الثاني: إن التكليف لا يتقدم على الفعل (1)، ولزمهم ما تقدم من المحال.
التاسع: في امتناع التكليف بالمحال.
ذهبت الإمامية، ومن تابعهم من المعتزلة إلى امتناعه.
ويدل عليه العقل، والنقل. أما العقل، فلأنه قبيح. ولأنه يؤدي إلى عدم التكليف، لأنه إذا جاز التكليف بالمحال، جاز أن يكلف العبد الفعل وأن يكلفه الترك، فلا يكون مكلفا بالفعل، وغير ذلك من الأدلة، وقد سبقت.
وأما المنقول: فقوله تعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها " (2)، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، وقد سبق جميع ذلك.