بقضاء الله تعالى، لوجب الرضا به، والرضا بالكفر حرام بالإجماع، فعلمنا أن الكفر ليس من فعله تعالى، فلا يكون من خلقه.
شبهة الأشاعرة في الجبر المطلب الحادي عشر: في نسخ شبههم.
إعلم أن الأشاعرة احتجوا على مقالتهم بوجهين، هما أقوى الوجوه عندهم، يلزم منهما الخروج عن العقيدة. ونحن نذكر ما قالوا: ونبين دلالتهما على ما هو معلوم البطلان بالضرورة من دين النبي صلى الله عليه وآله.
الأول: قالوا لو كان العبد فاعلا لشئ ما بالقدرة والاختيار، فإما أن يتمكن من تركه، أو لا.
والثاني: يلزم منه الجبر، لأن الفاعل الذي لا يتمكن من ترك ما يفعله موجب لا مختار، كما يصدر عن النار الاحراق، ولا تتمكن من تركه، والأول، إما أن يترجح الفعل حالة الايجاد، أو لا.
والثاني أيضا: أنه يلزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح، لأنهما لما استويا من كل وجه بالنسبة إلى ما في نفس الأمر، وبالنسبة إلى القادر الموجد، كان ترجيح القادر للفعل على الترك ترجيحا للمساوي بغير مرجح، وإن ترجح، فإن لم ينته إلى حد الوجوب أمكن حصول المرجوح مع تحقق الرجحان وهو محال.
أما أولا، فلامتناع وقوعه حالة التساوي فحالة المرجوحية أولى.
وأما ثانيا، فلأنه مع قيد الرجحان يمكن وقوع المرجوح، فلنفرضه واقعا في وقت، والراجح في آخر، فترجيح أحد الوقتين بأحد الأمرين لا بد له من مرجح غير المرجح الأول، وإلا لزم ترجيح أحد المتساويين