صالحة للضدين (1). وهو مناف لمفهوم القدرة، فإن القادر هو الذي إذ شاء أن يفعل فعل، وإذا شاء أن يترك ترك، فلو فرضنا القدرة على أحد الضدين لا غير لم يكون الآخر مقدورا فلم يلزم من مفهوم القادر أنه:
إذا شاء أن يترك ترك.
الإنسان مريد لأفعاله المطلب الخامس عشر: في الإرادة.
ذهبت الإمامية، وجميع المعتزلة إلى أن الإنسان مريد لأفعاله، بل كل قادر، فإنه مريد، لأنها صفة تقتضي التخصيص، وإنها نفس الداعي.
وخالفت الأشاعرة في ذلك، فأثبتوا صفة زائدة عليه (2).
وهذا من أغرب الأشياء أعجبها، لأن الفعل إذا كان صادرا عن الله تعالى، ومستندا إليه، وكان لا مؤثر إلا الله تعالى، فأي دليل حينئذ يدل على ثبوت الإرادة، وكيف يمكن ثبوتها لنا، لأن طريق الاثبات هو: أن القادر كما يقدر على الفعل، كذا يقدر على الترك.
فالقدرة صالحة للإيجاد والترك، وإنما يتخصص أحد المقدورين بالوقوع دون الآخر بأمر غير القدرة الموجودة، وغير العلم التابع، فالمذهب الذي اختاروه لأنفسهم سد عليهم ما علم وجوده بالضرورة، وهو القدرة والإرادة.
فلينظر العاقل المنصف من نفسه: هل يجوز له اتباع من ينكر الضروريات، ويجحد الوجدانيات؟ وهل يشك عاقل في أنه قادر، مريد؟.
وأنه فرق بين حركاته الإرادية، وحركة الجماد؟ وهل يسوغ لعاقل أن