وكل ذلك بسبب سوء فهمهم، وقلة تحصيلهم، والأصل في ذلك: أنه تعالى واجب الوجود، وكل ما عداه ممكن، وكل ممكن فإنه إنما يصدر عنه. ولو عرف هؤلاء الله حق معرفته لم تتعدد آراؤهم، ولا تشعبوا بحسب ما تشعب أهواؤهم.
الله تعالى مخالف لغيره البحث الثاني: في أنه تعالى مخالف لغيره بذاته.
العقل والسمع تطابقا على عدم ما يشبهه تعالى، فيكون مخالفا لجميع الأشياء بنفس حقيقته.
وذهب أبو هاشم من الجمهور وأتباعه: إلى أنه يخالف ما عداه بصفة الإلهية، وأن ذاته مساوية لغيره من الذوات (1).
وقد كابر الضرورة ها هنا الحاكمة بأن الأشياء المتساوية يلزمها لازم واحد، لا يجوز اختلافها فيه، فلو كانت ذاته تعالى مساوية لغيره من الذوات لساواها في اللوازم، فيكون القدم، والحدوث، والتجرد، والمقارنة إلى غير ذلك من اللوازم مشتركا بينها وبين الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ثم إنهم ذهبوا (2) مذهبا غريبا عجيبا، وهو أن هذه الصفة الموجبة للمخالفة غير معلومة، ولا مجهولة، ولا موجودة، ولا معدومة. وهذا كلام غير معقول في غاية السقوط.