قرن الشيطان (1).
وفيه: قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله من بيت عائشة، فقال: رأس الكفر من ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان (2).
إيضاح خرافة الجبر أفلا ينظر العاقل بعين الإنصاف، ويجتنب التقليد، واتباع الهوى، والاستناد إلى اتباع الدنيا، ويطلب الخلاص من الله تعالى، ويعلم أنه محاسب غدا على القليل والكثير، والفتيل والنقير، فكيف يترك اعتقاده؟
ويتوهم أنه يترك سدى؟ أو يعتقد بأن الله تعالى قدر هذه المعصية وقضاها، فلا يتمكن من دفعها، فيبرئ نفسه قولا لا فعلا، فإنه لا ينكر صدور الفعل من الإنسان إلا مكابر جاحد للحق، أو مريض العقل، بحيث لا يقدر على تحصيل شئ البتة.
ولو كان الأمر كما توهموه، لكان الله تعالى قد أرسل الرسل إلى نفسه، وأنزل الكتب على نفسه، فكل وعد ووعيد جاء به يكون متوجها إلى نفسه، لأنه إذا لم يكن فاعل سوى الله تعالى، فإلى من أرسل الأنبياء، وعلى من أنزل الكتب، ولمن تهدد ووعد وتوعد، ولمن أمر ونهى!.
ومن أعجب الأشياء وأغربها: أنهم يعجزون عن إدراك استناد أفعالهم إليهم، مع أنه معلوم للصبيان، والمجانين، والبهائم، ويقدرون على تصديق الأنبياء، والعلم بصحة نبوة كل مرسل، مع استناد الفساد، والضلال، والتلبيس، وتصديق الكذابين، وإظهار المعجزات على أيدي المبطلين إلى الله تعالى.