والقرآن يكذب أقوال هؤلاء، لأنه تعالى أوجب الصلاة في الزمان المحصور بين الدلوك والغسق، فتخصيص الوجوب بأول الوقت أو بآخره ترجيح من غير مرجح، وهو محال.
الثالث: في الواجب على الكفاية.
ذهبت الإمامية، ومن تابعهم من الجمهور إلى أن الواجب على الكفاية واجب على الجميع، بمعنى أنه إذا فعله البعض سقط عن الباقين، لأن المقصود للشارع تحصيله، كالجهاد الذي قصد الشارع به حراسة المسلمين، فإن حصل بالبعض سقط الواجب عن الآخرين، وإن لم يفعله أحد أثم الجميع.
وقال بعض السنة: إنه واجب على واحد غير معين " (1).
وهذا باطل بالضرورة، فإن قضية الواجب وحكمة الله إذا فعل استحق فاعله الثواب، وإذا ترك استحق تاركه العقاب، وإثابة واحد غير معين، وعقاب واحد غير معين غير ممكن، فلا يتحقق الوجوب حينئذ، وقد فرض ثبوته.
الرابع: في الواجب المخير.
ذهبت الإمامية إلى إمكانه، والعقل دل عليه، والسمع دال على وقوعه، فإنه غير مستبعد في الحكم إيجاب شئ من ثلاث، على معنى: أنه إذا فعل واحدا منها خرج عن العهدة، ولا يجوز له الاخلال بالجميع، ولا يجب عليه فعل الجميع، والسمع دل عليه بقوله تعالى: " ففدية من صيام، أو صدقة، أو نسك " (2)، أوجب أحدها لا بعينه، وحرم ترك الجميع، وقال تعالى: " فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون