إنه تعالى لا يحل في غيره المبحث السادس: أنه تعالى لا يحل في غيره.
من المعلوم القطعي أن الحال مفتقر إلى المحل، والضرورة قضت بأن كل مفتقر إلى الغير ممكن، فلو كان الله تعالى حالا في غيره لزم إمكانه، فلا يكون واجبا، هذا خلف.
وخالفت الصوفية من الجمهور في ذلك، وجوزوا عليه الحلول في أبدان العارفين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
فانظروا إلى هؤلاء المشايخ الذين يتبركون بمشاهدهم: كيف اعتقادهم في ربهم؟ وتجويزهم تارة الحلول، وأخرى الاتحاد، وعبادتهم الرقص، والتصفيق، والغناء (1). وقد عاب الله تعالى على الجاهلية الكفار في ذلك، فقال عز من قائل: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " (2) وأي غافل أبلغ من تغفل من يتبرك بمن يتعبد الله بما عاب به الكفار؟
" فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (3).
ولقد شاهدت جماعة من الصوفية، في حضرة مولانا الحسين عليه السلام، وقد صلوا المغرب سوى شخص واحد منهم، كان جالسا لم يصل، ثم صلوا بعد ساعة العشاء سوى ذلك الشخص، فسألت بعضهم عن ترك صلاة ذلك الشخص، فقال: وما حاجة هذا إلى الصلاة وقد وصل، أيجوز أن يجعل بينه وبين الله تعالى حاجبا؟! فقلت: لا، فقال: الصلاة