معرفة الايجاب على معرفة الموجب، المتوقفة على معرفة الايجاب، فيدور.
التاسع: الضرورة قاضية بالفرق بين من أحسن إلينا دائما، ومن أساء إلينا دائما، وحسن مدح الأول، وذم الثاني، وقبح ذم الأول، ومدح الثاني، ومن يشكك في ذلك فقد كابر مقتضى عقله..
إن الله تعالى لا يفعل القبيح المطلب الثالث: في أن الله تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب.
ذهبت الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة، إلى أن الله تعالى لا يفعل القبيح، ولا يخل بالواجب. بل جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب، ليس فيها ظلم، ولا جور، ولا عدوان، ولا كذب، ولا فاحشة، لأن الله تعالى غني عن القبيح، وعالم بقبح القبيح، لأنه عالم بكل المعلومات وعالم بغناه عنه. وكل من كان كذلك فإنه يستحيل عليه صدور القبيح عنه، والضرورة قاضية بذلك، ومن فعل القبيح مع الأوصاف الثلاثة استحق الذم واللوم. وأيضا الله تعالى قادر، والقادر إنما يفعل بواسطة الداعي، والداعي: إما داعي الحاجة، أو داعي الجهل، أو داعي الحكمة..
فأما داعي الحاجة، فقد يكون العالم بقبح القبيح محتاجا إليه، فيصدر عنه دفعا لحاجته. وأما داعي الجهل، فبأن يكون القادر عليه جاهلا بقبحه، فيصح صدوره عنه. وأما داعي الحكمة، بأن يكون الفعل حسنا فيفعله لدعوة الداعي إليه. والتقدير أن الفعل قبيح فانتفت هذه الدعاوى، فيستحيل القبح منه تعالى.
وذهبت الأشاعرة كافة، إلى أن الله تعالى قد فعل القبايح بأسرها، من أنواع الظلم، والشرك، والجور، والعدوان، ورضي بها، وأحبها (1) فلزمهم من ذلك محالات: