وقد خالفا في ذلك العقل، والنقل:
أما العقل، فلأن الاعتراف بنعمة الله تعالى، وشكره واجب، وأبلغ أنواع الشكر وضع الجبهة على الأرض، تذللا لله تعالى، واستكانة وتضرعا إليه.
وأما النقل، فقوله تعالى: " واشكروا لي ولا تكفرون " (1)، وقال:
" إن شكرتم لأزيدنكم " (2)، وأعظم مراتب الشكر السجود.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جاء شئ يسره خر ساجدا شكرا لله (3)، وقال عبد الرحمن بن عوف: سجد رسول الله صلى الله عليه وآله وأطال السجود، قلنا له: سجدت فأطلت السجود، قال: نعم، أتاني جبرئيل، فقال:
من صلى عليك مرة صلى الله له عشر مرات، فخررت شكرا لله (4)، ولما أتي برأس أبي جهل سجد خمس سجدات شكرا لله (5)، وروى أبو داود في صحيحه عن أبي بكر قال: إن النبي صلى الله عليه وآله إذا جاءه أمر يسره أو يسوءه، خر ساجدا شكرا لله تعالى (6)، وروى في الجمع بين الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما من عبد (مسلم) يسجد لله سجدة إلا رفعه تعالى بها درجة، وحط عنه خطيئة (7).
وروي: أن النبي صلى الله عليه وآله زار فاطمة يوما، فصنعت له عصيدة من تمر، ثم قدمتها بين يديه، فأكل هو وعلي، وفاطمة، والحسنان، فلما