نهج الحق وكشف الصدق - العلامة الحلي - الصفحة ٤٢٩
فقد قضيت صلاتك (1).
23 - ذهبت الإمامية: إلى أن الخروج يحصل بإكمال الصلاة على النبي وآله، والتسليم لا غير.
وقال أبو حنيفة: يخرج بالتسليم، أو بالكلام، أو بخروج الريح (2).
وما أقبح المذهب المؤدي إلى الخروج من الصلاة بالريح. لكن مثل الصلاة التي شرعها يصلح الخروج منها بمثل ما قاله، فإنه ذاهب إلى جواز أن يصلي الإنسان في الدار المغصوبة (3)، على جلد كلب، لابسا جلد كلب، وبيده قطعة من لحم كلب، لأنه يقبل الذكاة عنده (4)، ثم يتوضأ بنبيذ التمر المغصوب (5)، فيغسل رجليه أولا، ثم ينتهي إلى غسل الوجه، عكس ما ورد به القرآن (6)، ثم يقوم وعليه نجاسة، ثم يكبر بالفارسية، ويقرأ بالفارسية (7): " مدهامتان " لا غير، ثم يطأطئ رأسه يسيرا جدا، غير ذاكر (8)، ثم يهوي إلى السجود من غير رفع، ثم يخفض يسيرا لينزل جبهته وأنفه فيها، من غير ذكر، ولا طمأنينة، ولا رفع منهما، ثم ينهض إلى الثانية، فيفعل مثل ذلك، ثم يقعد من غير تشهد بقدره (9)، ثم يخرج بالريح (10)...

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ١٠٧ والتاج الجامع للأصول ج ١ ص ١٩٦ والموطأ ج ١ ص ١١٣ (٢) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٣٧ و ٢٧١ وبداية المجتهد ج ١ ص ٩١ (٣) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٣٧ و ٢٧١ وبداية المجتهد ج ١ ص ٩١ (٤) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٦ (٥) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٥ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٢ و ٥٣ (٦) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٦٣ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٢٦٠ (٧) التفسير الكبير ج ١ ص ٣٠٩ والهداية ج ١ ص ٣٠ (٨) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٣١، ٢٦٠ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٠٢ (٩) الهداية ج ١ ص ٣٣ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٠١ و ١٠٨ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٤٣ (١٠) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٣٧ - وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان ج ٤ ص ٢٦٧ (ط مصر): " ذكر إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في كتابه: " مغيث الخلق في اختيار الحق ". أن السلطان محمود السبكتكين كان على مذهب أبي حنيفة، وكان مولعا بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه، وهو يسمع، وكان يستفسر الأحاديث، فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي (رض)، فوقع في خلده حكمه فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو، والتمس منهم الكلام في ترجيح المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي، وعلى مذهب أبي حنيفة، لينظر فيه السلطان، ويتفكر، ويختار ما هو أحسنها، فصلى القفال المروزي بطهارة مسبغة، وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة، واستقبال القبلة، وأتى بالأركان والهيئات، والسنن، والآداب، والفرائض على وجوه الكمال والتمام، وقال: هذه صلاة لا يجوز الإمام الشافعي دونها.
ثم صلى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغا، ثم لطخ ربعه بالنجاسة، وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة، واجتمع الذباب، والبعوض، وكان وضوؤه منكسا منعكسا، ثم استقبل القبلة، وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء، وكبر بالفارسية، ثم قرأ آية بالفارسية: (دو بركك سبز)، ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل، ومن غير ركوع، وتشهد، وضرط. وقال: أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة، فقال السلطان: لو لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك، لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين.
فأنكر الحنفية أن تكون هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة، فأمر القفال بإحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا، فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة، على ما حكاه القفال، فأعرض السلطان، وتمسك بمذهب الشافعي.
أقول: صحح كتاب وفيات الأعيان وحققه محمد محيي الدين عبد الحميد، مفتش العلوم الدينية والعربية بالجامع الأزهر، والمعاهد الدينية، ومن غير نكير في الطبعة الأولى المطبوع بمطبعة السعادة سنة 1367 ه‍ - 1948 م.
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست