من قوله تعالى: " لتسكنوا إليها ".. " وجعل بينكم مودة ورحمة "..
" هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ".. فتدرك حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقا للآخر، ملبيا لحاجته الفطرية: نفسية وعقلية وجسدية. بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار، ويجد أن في اجتماعهما السكن والاكتفاء، والمودة والرحمة، لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما في الآخر، وائتلافهما وامتزاجهما في النهاية لانتشاء حياة جديدة تتمثل في جيل جديد.
يصور (سلام الله عليه) صلة النفس بالنفس، صلة السكن والقرار، صلة المودة والرحمة، صلة الستر والتجمل.
وإن الإنسان ليحس في ألفاظ الإمام (عليه السلام) ذاتها حنوا ورفقا، ويستروح من خلالها نداوة وظلا، وأنها لتعبير كامل عن حقيقة الصلة التي يفترضها الإسلام لذلك الرباط الإنساني الرفيق الوثيق. وأنها لتعبير عن العلاقات الجنسية المقامة على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية التي تجعل من التقاء جسدين التقاء نفسين وقلبين وروحين. وبتعبير شامل التقاء إنسانين تربط بينهما حياة مشتركة وآمال مشتركة وآلام مشتركة، ومستقبل مشترك، يلتقي في الذرية المرتقبة، ويتقابل في الجيل الجديد الذي ينشأ في العش المشترك الذي يقوم الولدان حارسين لا يفترقان.
شرعت الزوجية فكانت أوثق الروابط وأمتن الصلات، منها انحدرت البنوة، ووجدت الأبوة، وتولدت الأخوة، وتفرعت القرابة، وبها نشأت المصاهرة وتكونت الأسرة، فكانت لذلك روح الاجتماع في صلاحها صلاح الأمة وفي قوتها قوة الدولة. فهي مبدأ الإصلاح ومبعث النمو، ومنشأ القوة.
شرع لها الإسلام من الحقوق والواجبات ما يكفل بقاءها وصلاحها وتبلغ