مستعملا في الآثار الباهرة، جاريا على حكمة فائقة.
وكلما أمعن النظر وأحسن الجد تجلت له حسب استعداده من الغايات والحكم ما لم يكن يخطر على باله، وها هو العلم قد صار يكشف كل يوم عن أسرار وغايات لم تكن في الخيال. أسرار وغايات يرتاح لها الشعور ويعظمها العلم ويستزيد منها العالم المجد الحر.
ألا وإن الوجدان يحكم بأوليات حكومته، وبديهيات قضائه، أن الموجد لا مثال هذه الأمور التي تهتف بغاياتها، لا بد من أن يكون عالما بتلك الغايات، قد أوجد موجوداته لأعمال غاياتها ونتائج فوائدها التي تعرف منها ما لا يحصى، ويكشف العلم في كل حين عما يبهر العقول بحكمته وعظيم فوائده يا أصحابنا هذه القطع الصوانية التي وجدها الحفريون في جوف الأرض، على هيئة فاس ومنشار وسنان، كيف حكم الوجدان من أهل العلم وسائر الناس، بأنها صنعها البشر قبل ألوف من السنين لأجل غاياتها وفوائدها التي كانوا يتصورونها. وهذه موجودات العالم بأجمعها في أدوارها مرتبة على نظام الغايات، مستعملة فيها على أتقن الحكمة، كيف لا يحكم الوجدان بأنها صنع صانع، أنشأها لأعمال غاياتها المعلومة لديه.
يا أصحابنا فهذا العالم المنتظم وموجوداته التي تبهر العلم والعقل بغاياتها الكبيرة المستعملة فيها، كيف يقال إنه بتأثير الطبيعة البكماء والصدفة العمياء بلا شعور بغاية ولا حكمة.
لماذا لا يقال ذلك فيما ذكرناه من القطع الصوانية؟.
ألا تقولون لنا أين وجدانكم الذي تحكمون به في أمر القطع الصوانية؟
ما أقوى يد تغمض عيون الوجدان في شأن العالم وصنعه؟! أي برقعة هذه؟
ماذا يعينها وبأي نشاط تعمل أعمالها؟. ما أعجب هذه اليد المبرقعة قد شابكت