قلت مرة أخرى: ولماذا؟ قال: لأنك تؤمن بخرافة لا وجود لها.
قلت: وأنتم بماذا تؤمنون؟ من الذي خلق الكون والحياة؟ قال:
الطبيعة.
قلت: وما الطبيعة؟ قال: قوة خفية ليس لها حدود، ولكن لها مظاهر يمكن أن تدركها الحواس.
قلت: أنا أفهم أن تمنعني من الإيمان بقوة خفية لتعطيني بدلا منها قوة معلومة. ولكن إذا كانت المسألة قوة خفية بقوة خفية، فلماذا تأخذ مني إلهي الذي أجد الأمن والراحة والسلام في الإيمان به لتعطيني بدلا منه إلها آخر لا يستجيب لي ولا يسمع مني الدعاء.
تلك هي قضية حرية الفكر لدى التقدميين. حرية الفكر تعني الإلحاد وإذ كان الإسلام لا يبيح الإلحاد، فهو إذن لا يبيح حرية الفكر). (1) فلنتبسط في المسألة وغايتنا في هذا الكتاب أن نختصر حيث أسهبوا، ونسهب حيث أوجزوا أو أهملوا.
فنقول:
يلزم على من ينكر وجود الباري جل شأنه أن يكون له إلمام بنواميس العلم وقوانين الحجة وموازين الاستدلال، لا من الجديديين، الذين غاية حجتهم كتب السر فلان، وخطب المسيو فلان، وقال الدكتور فلان وذكرت جريدة المقتطف، ونقلت مجلة الهلال.
ولا يعرف من مقابلة الحجة الواضحة إلا أن يقول: هذه حجة من العقل العتيق، شعوري المتنور لا يقبلها هذا عصر الرقي والتنور، لا أعرف الإمكان والامتناع والواجب، ولا الدور والتسلسل. هذه خرافات قديمة، الشعور