ما يسخطه، فمن حقها أن تستعمل حيث يصح استعمالها من قبض أو بسط. ومن حقها أن لا تمد إلى أشياء لم يكن ليرضاها الله من بطش وتعذيب وتنكيل بالأبرياء من الناس وغير ذلك، بحيث يسبب البطش والتنكيل في غير موضعه نقمة الله، ونقمة الناس جميعا، ولكن نقمة الله أشد وأعظم من نقمة الناس.
ومن حقها ألا تقبض وتقصر عن أشياء فرضها الله واجبات علينا ففي ذلك سخط الله. إنما الأمر في اليد ليس هو القبض دائما أو البسط دائما إنما هو أمر الله الذي لا محيد عنه، فحيث يريد الله أن نقبض أيدينا أو نبسطها كان ذلك أمرا محتوما ليس لنا التنكب عنه، وبتنكب أوامر الله نكون مستحقين لغضبه الذي يستتبع عذابه الأليم الذي هو لا يطاق.
وقد علمنا الله ذلك بقوله: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا).
فإن التوازن هو القاعدة الكبرى في النهج الإسلامي، والغلو - كالتفريط - يخل بالتوازن.
والتعبير هنا يجري على طريقة التصوير، فيرسم البخل يدا مغلولة إلى العنق. ويرسم الإسراف يدا مبسوطة كل البسط لا تملك شيئا، ويرسم نهاية البخل ونهاية الإسراف قعدة كقعدة الملوم المحسور. والحسير في اللغة الدابة تعجز فتقف ضعفا وعجزا، فكذلك البخيل يحسره بخله فيقف. وكذلك المسرف ينتهي به سرفه إلى وقفة الحسير. ملوما في الحالتين على البخل وعلى السرف، وخير الأمور الوسط.
وبتعبير أبسط وأوضح، (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) أي لا تجعل يدك في انقباضها وبخلها بالإنفاق كاليد المغلولة الممنوعة من الانبساط. (ولا تبسطها كل البسط) أي ولا تتوسع في الإنفاق توسعا مفرطا حتى لا يبقى