وإنني، قال ابن سيده: وقد جاء في الشعر ليتى، أنشد سيبويه لزيد الخيل:
تمنى مزيد زيدا فلاقى * أخا ثقة إذا اختلف العوالي كمنية جابر إذ قال ليتى * اصادفه وأتلف بعض مالي قلت: هكذا في النوادر، والذي في الصحاح " أغرم جل مالي " في المصراع الأخير (1).
وقال شيخنا - عند قول المصنف، ويقال: ليتى وليتني -: أراد أن نون الوقاية تلحقها كإلحاقها بالأفعال حفظا لفتحتها، ولا تلحقها إبقاء لها على الأصل، وظاهره التساوى في الإلحاق وعدمه، وليس كذلك، وفي تنظير الجوهري لها بلعل أنهما في هذا الحكم سواء، وأن النون تلحق لعل كليت، ولا تلحقها، وليس كذلك، بل الصواب أن إلحاق النون لليت أكثر، بخلاف لعل، فإن الراجح فيها عدم إلحاق النون، إلى آخر ما قال.
" والليت، بالكسر: صفحة العنق " وقيل: الليتان: أدنى صفحتى العنق من الرأس، عليهما ينحدر القرطان، وهما وراء لهزمتي (2) اللحيين، وقيل: هما موضع المحجمتين، وقيل: هما ما تحت القرط من العنق، والجمع أليات وليتة، وفي الحديث: " ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا " أي أمال صفحة عنقه.
" ولاته يليته ويلوته " ليتا، أي " حبسه عن وجهه وصرفه " قال الراجز:
وليلة ذات ندى (3) سريت * ولم يلتني عن سراها ليت وقيل: معنى هذا: لم يلتني عن سراها أن أتندم، فأقول: ليتني ما سريتها. وقيل: معناه: لم يصرفني عن سراها صارف، أي لم يلتني لائت، فوضع المصدر موضع الاسم. وفي التهذيب: أي لم يثنني عنها نقص ولا عجز عنها. " كألاته " عن وجهه، فعل وأفعل بمعنى واحد.
ولاته حقه يليته ليتا، وألاته: نقصه، والأول أعلى، وفي التنزيل العزيز " وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا " (4) قال الفراء: معناه لا ينقصكم، ولا يظلمكم من أعمالكم شيئا، وهو من لات يليت، قال: والقراء مجتمعون عليها، قال الزجاج: لاته يليته وألاته يليته، إذا نقصه.
وفي اللسان: يقال: " ما ألاته " من عمله " شيئا: ما نقصه، كما ألته " بكسر اللام وفتحها، وقرىء قوله " وما ألتناهم " بكسر اللام " من عملهم من شىء " (5) قال الزجاج: لاته عن وجهه أي حبسه، يقول: لا نقصان ولا زيادة، وقيل في قوله - ما ألتناهم - قال: يجوز أن تكون من ألت ومن ألات.
وقال شمر، فيما أنشده من قول عروة بن الورد:
* فبت أليت الحق والحق مبتلى (6) * أي أحيله وأصرفه، ولاته عن أمره ليتا، وألاته: صرفه.
وعن ابن الأعرابي: سمعت بعضهم يقول: الحمد لله الذي لا يفات ولا يلات. ولا تشتبه عليه الأصوات. يلات: من ألات يليت، لغة في لات يليت إذا نقص، ومعناه: لا ينقص ولا يحبس عنه الدعاء.
وقال خالد بن جنبة: لايلات، أي لا يأخذ فيه قول قائل، أي لا يطيع أحدا، كذا في اللسان. " والتاء في " قوله تعالى: " ولات حين مناص " (7) زائدة كما " زيدت " " في ثمت " وربت، وهو قول المؤرج، كذا في الصحاح، واللسان، " أو شبهوها " أي لات " بليس "، قاله الأخفش، كذا بخط الجوهري في الصحاح، وفي الهامش صوابه: سيبويه، " فأضمر " وعبارة الصحاح: وأضمروا " فيها اسم الفاعل.