قال: " ولا تكون لات إلا مع حين " قال ابن بري: هذا القول نسبه الجوهري إلى الأخفش، وهو لسيبويه؛ لأنه يرى أنها عاملة عمل ليس، وأما الأخفش فكان لا يعملها، ويرفع ما بعدها بالابتداء إن كان مرفوعا، وينصبه بإضمار فعل إن كان منصوبا، قال: " وقد تحذف " أي لفظة حين في الشعر، " وهي " أي تلك اللفظة " مرادة " فتقدر، وهو قول الصاغاني (1)، والجوهري، وإياهما تبع المصنف " كقول مازن بن مالك: حنت ولات هنت وأنى لك مقروع " (2) فحذف الحين، وهو يريده.
ووجدت في الهامش أن هذا ليس بشعر، وإنما هو كلام تمثل به، وله حكاية طويلة قال شيخنا: وقد تعقبوه، يعني القول الذي تبع فيه الشيخين، فقالوا: إن أرادوا الزمان المحذوف معموله فلا يصح؛ إذ لا يجوز حذف معموليها، كما لا يجوز جمعهما، وإن أرادوا أنها مهملة وأن الزمان لا بد منه لتصحيح استعمالها، فلا يصح أيضا؛ لأن المهملة تدخل على غير الزمان.
قلت: هو الذي صرح به أئمة العربية، قال أبو حيان - في ارتشاف الضرب من لسان العرب -: وقد جاءت لات غير مضاف إليها حين ولا مذكور بعدها حين، ولا ما رادفه في قول الأزدى (3).
ترك الناس لنا أكنافنا * وتولوا لات لم يغن الفرار إذ لو كانت عاملة لم يحذف الجزآن بعدها، كما لا يحذفان بعد ما، ولا العاملتين عمل ليس، وصرح به ابن مالك في التسهيل والكافية وشروحهما، ثم قال: وقد أجحفوا بهذا اللفظ في حقيقته وعمله، فكان الأولى تركه أو عدم التعرض لبسط الكلام فيه، وإنما يقتصرون على قولهم: ولات النافية العاملة عمل ليس.
وحاصل كلام النحاة فيها يرجع، إلى أنهم اختلفوا في كل من حقيقتها وعملها: فقالوا: في حقيقتها أربعة مذاهب (4):
الأول: أنها كلمة واحدة، وأنها فعل ماض، واختلف هؤلاء على قولين:
أحدهما: أنها في الأصل لات بمعنى نقص. ومنه " لا يلتكم من أعمالكم " (5)، ثم استعملت للنفي، كقل (6)، قاله أبو ذر الخشنى (7) في شرح كتاب سيبويه، ونقله أبو حيان في الارتشاف، وابن هشام في المغنى، وغير واحد.
ثانيهما: أن أصلها ليس بالسين، كفرح، فأبدلت سينها تاء، ثم انقلبت الياء ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، فلما تغيرت اختصت بالحين، وهذا نقله المرادى عن ابن الربيع (8).
والمذهب الثاني: أنها كلمتان: لا النافية، لحقتها تاء التانيث؛ لتأنيث اللفظ، كما قاله ابن هشام (9) والرضى، أو لتأكيد المبالغة في النفي، كما في شرح القطر لمصنفه، وهذا هو مذهب الجمهور.
الثالث: أنها حرف مستقل، ليس أصله ليس ولا لا، بل هو لفظ بسيط موضوع على هذه الصيغة، نقله الشيخ أبو إسحاق الشاطبى، في شرح الخلاصة، ولم يذكره غيره من أهل العربية على كثرة استقصائها.
الرابع: أنها كلمة وبعض كلمة، لا النافية، والتاء مزيدة (10) في أول " حين "، ونسب هذا القول لأبي عبيد (11) وابن الطراوة، ونقله عنهما في المغنى، وقال: استدل أبو عبيد (11) بأنه وجدها متصلة في " إمام " أي مصحف