وفي الحديث: " يبعث الله السحاب، فيضحك أحسن الضحك، ويتحدث أحسن الحديث " قال ابن الأثير: جاء في الخبر أن حديثه الرعد، وضحكه البرق، وشبه (1) بالحديث؛ لأنه يخبر عن المطر وقرب مجيئه، فصار كالمحدث به، ومنه قول نصيب:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب وهو كثير في كلامهم، ويجوز أن يكون أراد بالضحك افترار الأرض (2) وظهور الأزهار، وبالحديث ما يتحدث به الناس من صفة النبات وذكره، ويسمى هذا النوع في علم البيان المجاز التعليقي، وهو من أحسن أنواعه.
وتركت البلاد تحدث، أي تسمع فيها دويا، حكاه ابن سيده عن ثعلب.
ومن المجاز: صاروا أحاديث، كذا في الأساس.
وناقة محدث، كمحسن: حديثة النتاج، نقله الصاغاني.
[حرث]: " الحرث: الكسب "، كالاحتراث، وفي الحديث " أصدق الأسماء الحارث "؛ لأن الحارث هو الكاسب، واحتراث المال كسبه، والإنسان لا يخلو من الكسب طبعا واختيارا.
قال الأزهري: والاحتراث: كسب (3) المال، والحرث العمل للدنيا والآخرة، وفي الحديث " احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ". وفي الأساس: ومن المجاز: احرث لآخرتك، أي اعمل لها (4).
وقد أطال فيه الهروى في الغريبين، والأزهري في التهذيب، ونقله على طوله ابن منظور في لسانه.
والحرث ": جمع المال " وكسبه.
وحرث، إذا اكتسب لعياله واجتهد لهم، يقال: هو يحرث لعياله، ويحترث، أي يكتسب، وفي التنزيل العزيز " ومن كان يريد حرث الدنيا " (5) أي كسبها.
والحرث ": الجمع بين أربع نسوة "، عن أبي عمرو، وقد حرث كسمع.
والحرث ": النكاح بالمبالغة " ونص ابن الأعرابي: الجماع الكثير، وقد حرثها إذا جامعها جاهدا مبالغا، وأنشد المبرد:
إذا أكل الجراد حروث قوم * فحرثي همه أكل الجراد والحرث ": المحجة المكدودة بالحوافر "، لكثرة السير عليها.
والحرث ": أصل جردان الحمار "، وهو نص عبارة الأزهري في التهذيب، وغير واحد من الأئمة، والجردان، بالضم: قضيب كل ذي حافر، فلا يلتفت إلى قول شيخنا: هو من إغرابه على الناس.
ومن المجاز: الحرث ": السير على الظهر حتى يهزل "، قال ابن الأعرابي: حرث الإبل والخيل وأحراثها: إذا سار عليها حتى تهزل، وفي حديث معاوية " أنه قال للأنصار: ما فعلت نواضحكم؟ قالوا: أحرثناها (6) يوم بدر " أي أهزلناها، يقال: حرثت الدابة وأحرثتها، أي أهزلتها. والحرث، والحراثة: العمل في الأرض زرعا كان أو غرسا.
وقد يكون الحرث نفس " الزرع " وبه فسر الزجاج قوله تعالى " أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته " (7).
حرث يحرث حرثا، وفي التهذيب: لحرث: قذفك الحب في الأرض للازدراع، والحراث: الزراع، وقد حرث، واحترث، مثل: زرع، وازدرع.
ومن المجاز: الحرث ": تحريك النار " وإشعالها بالمحراث (8).