إني والله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي، ولا أبايعكم حتى يبايع علي. ولعلي لا أفعل وإن بايع إلخ ".
وفي مورد أخر من نفس الرسالة: يقول: إن الأنصار " قالوا: أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره إلخ " (1).
فذلك يوضح: أن الأنصار بادروا إلى ذلك بعد أن عرفوا أن العرب وقريشا لن تمكن عليا من الوصول إلى الحكم، وقد تأكد لديهم ذلك حينما شهدوا المنع عن كتابة النبي (ص)، للكتاب بذلك الأسلوب الجاف والمهين والقاسي، ثم تأخير بعث جيش أسامة، وغير ذلك من قرائن وأحوال لا تخفى.
وبعد وفاة النبي حاق بالأنصار البلاء، وحلت بهم الرزايا، واستأثر المهاجرون بكل الامتيازات، وكان في ذلك تصديق لما أخبرهم به النبي (ص) من أنهم سيلقون بعده أثرة، ثم أمرهم بالصبر حتى يلقوه على الحوض (2).
ومما يدل على ما ذكرناه:
1 - أن محمد بن مسلمة حين رأى القرشيين وهم يرفلون بالحلل، أعلن بالتكبير في المسجد، فطالبه بذلك عمر، فأخبره بما رأى من الأثرة، ثم قال: أستغفر الله، ولا أعود (3).
ويلاحظ هنا: أن محمد بن مسلمة كان من المقربين للهيئة الحاكمة، ومن أعوانها الأوفياء الذين كانت تطمئن إليهم، وتعتمد عليهم.