صارت إليه نظر، فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين، وذكر الأنصار في بدر، فقال: ما كنت أرى لهؤلاء هذا الفضل، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم، وإما أن يكونوا ليس هكذا.
فقال أبان بن عثمان: أيها الأمير، لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم من خذلانه، لأن نقول بالحق: هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا.
قال: ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين، لعله يخالفه. فأمر بذلك الكتاب فحرق.
فلما رجع، وأخبر أباه، قال عبد الملك: وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل؟ تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها؟!
فأخبره بتخريق ما كان نسخ، فصوب رأيه، وكان عبد الملك يثقل عليه ذلك.
وبعد أن ذكرت الرواية: أن سليمان أخبر قبيصة بن ذؤيب بما جرى، وجواب قبيصة له، قالت:
فقال سليمان: يا أبا إسحاق، ألا تخبرني هذا البغض من أمير المؤمنين وأهل بيته لهذا الحي من الأنصار، وحرمانهم إياهم، لم كان؟!.
فقال: يا ابن أخي، أول من أحدث ذلك معاوية بن أبي سفيان، ثم أحدثه أبو عبد الملك، ثم أحدثه أبوك. فقال: علام ذلك؟! قال: فوالله ما أريد إلا لأعمله وأعرفه.
فقال: لأنهم قتلوا قوما من قومهم، وما كان من خذلانهم عثمان (رض)، فحقدوه عليهم، وحنقوه، وتوارثوه، وكنت أحسب لأمير المؤمنين ان يكون على غير ذلك لهم، وان أخرج من مالي فكلمه.
فقال سليمان: أفعل والله، فكلمه، وقبيصة حاضر، فأخبره قبيصة بما كان من محاورتهم.