فقال أحد الأنصار: والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك.
فتعصب لابن أبي رجل من قومه فشتمه، فغضب لكل منهما أصحابه، فكان بينهم ضرب بالجريد والنعال، فنزل قوله تعالى: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما إلخ " (1).
وفي مجمع البيان: أن الذي قال لابن أبي ذلك، هو عبد الله بن رواحة. وأن التضارب كان بين رهط ابن رواحة من الأوس، ورهط ابن أبي من الخزرج.
ولكن لا تخلو كلتا الروايتين من الاشكال.
فأولا: إن آية الصلح بين المؤمنين لا يمكن أن تنطبق على الرواية الأولى، فإن النزاع فيها كان بين المشركين والمسلمين، وليس بين طائفتين من المؤمنين. بل لم يظهر من الرواية الثانية كون النزاع كان بين طائفتين من المؤمنين. فإذا جعلنا الروايتين رواية واحدة، لتقارب سياقهما ومضمونهما، لم يمكن الاطمئنان إلى صحة كون الآية قد نزلت بهذه المناسبة.
وثانيا: إن الآية موجودة في سورة الحجرات، وهي قد نزلت بعد سنوات من الهجرة، لأنها نزلت بعد المجادلة والأحزاب، التي نزلت في مناسبة الخندق وغيرهما. وتقدم قولهم: إن هذه القضية قد حصلت قبل بدر.
هذا كله عدا عن التنافي بين مضمون كل من الروايتين كما هو ظاهر.