وله أن يرجع ذلك إلى أن هذا الكتاب قد أعد في فترات زمنية متباعدة، فرضها واقع الظروف التي تمنع الانسان من الاستفادة من عنصر الوقت على النحو الأفضل والأمثل.
كما أنه لا يمكن استبعاد حالات النشاط والخمود الفكري التي تعتري الانسان تبعا لتفاوت حالات الهدوء والاستقرار، الامر الذي يؤثر بشكل واضح على طبيعة ما يكتب، ويظهر فيه شيئا من التفاوت والاختلاف في مستوى التعرض لبحوثه وقضاياه.
4 - حيث إن التاريخ الاسلامي - كما سنرى - قد تعرض لمحاولات جادة للتلاعب فيه من قبل أصحاب الأهواء السياسية والمذهبية وغيرها، وتسربت إليه بعض الترهات والأباطيل من قبل أهل الكتاب وغيرهم، ثم حاولت الأيدي الأثيمة والحاقدة أن تعبث به تحريفا، أو تزييفا، فقد أصبح البحث، والوصول إلى الحقائق فيه على درجة كبيرة من الصعوبة، إن لم يصل إلى حد التعذر أحيانا، فقد كان لا بد لنا من أخذ الأمور التالية بنظر الاعتبار:
أ: إن الاعتماد على نوع معين من المؤلفات والمؤلفين ربما يتسبب في حرمان القارئ من الاطلاع على نصوص تناثرت هنا وهناك، واستطاعت أن تخترق الحجب، وتقفز فوق الحواجز الثقيلة، وتصل إلينا سليمة - إلى حد ما - من التحريف، حين لم ير فيها السياسيون المحترفون خطرا، ولا رأى فيها المتمذهبون المتعصبون ضررا، فتركها هؤلاء وأولئك، ليتلقفها عشاق الحقيقة القليلون جدا، بعيدا عن غوغائية المتعصبين، وفي مأمن ومنأى من جبروت وتعنت الأشرار المحترفين.
ب: أننا رأينا - والحالة هذه - ان البحث في الأسانيد، والاعتماد عليها كمقياس ومعيار نهائي في الرد والقبول، إنما يعني: أن علينا أن نقتنع بنصوص قليلة جدا، لا تكاد تفي حتى بالتصور العام، وبالفهرسة