ونحن لا نشك في كذب كل ذلك؟ إذ كيف يمكن أن يصدر ذلك من رجل يزيد عمره على الخمس وعشرين عاما: أن يصف نفسه بأنه:
يتيم. هذا مع العلم بأنه قد نشأ وتربى في أعرق بيت في العرب، فكيف لم يكن يعرف أن اليتيم لا يطلق في لغة العرب إلا على غير البالغ؟!.
وأيضا، فإن صدور ذلك من رجل هو في عقل وادراك، وشخصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي هو من أعرق عائلة عربية، وأشرفها، والذي كان في إباؤه وسمو نفسه يفوق كل وصف، ويتجاوز كل حد - إن صدور ذلك منه - يكاد يلحق بالمستحيلات والممتنعات.
ثم إنه لماذا اتصف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط باليتم؟
مع أن عبد المطلب قد مات وابناه العباس وحمزة صغيران لم يبلغا الحلم (1)؟!
والظاهر هو أن هذا من مجعولات أعداء الدين، أو من أهل الكتاب، أو من أذناب بني أمية، الذين كانوا يحاولون الحط من شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قدمناه في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وهكذا يقال تماما بالنسبة لما ينسب لأبي طالب (عليه السلام)، لا سيما وأنه هو نفسه يقرض النبي بذلك التقريض العظيم المتقدم.
ولعل الأصح هو أن القائل لذلك هو نساء قريش، كما سيأتي حين الحديث عن عدم صحة ما يقال من زواجها من رجلين قبله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهكذا يقال تماما بالنسبة لما يقال: من أن عمها كان يأنف من أن