من أصلك فتصير نصفين، ثم ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك، وتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك، فقال الجبل: أفتأمرني بذلك يا رسول الله؟ قال: بلى.
قال: فانقطع (الجبل) (1) نصفين وانحط أعلاه إلى الأرض وارتفع أسفله فوق أعلاه، فصار فرعه أصله وأصله فرعه.
ثم نادى الجبل: معاشر اليهود، هذا الذي ترون دون معجزات موسى الذي تزعمون أنكم به مؤمنون، فنظر اليهود بعضهم إلى بعض.
فقال بعضهم: ما عن هذا محيص، وقال آخرون منهم: هذا رجل مبخوت (مؤتى له) (2) والمبخوت تتأتى له العجائب فلا يغرنكم ما تشاهدون منه، فناداهم الجبل: يا أعداء الله لقد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى عليه السلام هلا قلتم لموسى (أن أقلب) (3) العصا ثعبانا وانفلق (4) البحر طوقا (5) ووقوف (6) الجبل كالظلة فوقكم، إنك مؤتى له تأتي (7) لك العجائب فلا يغرنا ما نشاهده منك فالتقمهم (8) الجبل (بمقالتهم الزور) (9) ولزمتهم حجة رب العالمين (10).
إنتهى تفسير الامام أبي محمد العسكري صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وعلى ولده الطيبين. فانظر بعين البصر والبصيرة إلى ما فيه من تفضيل محمد وآله الطاهرين على كافة الخلق أجمعين من الأولين والآخرين ما فيه كفاية للمتدبر وتبصرة للمتبصر، جعلنا الله وإياك من المتمسكين بولايتهم الداخلين في زمرتهم الناجين في سفينتهم (11) الفائزين بشفاعتهم وبجاههم عند ربهم العظيم وكرامتهم.