الجنة (1) - يوقد من شجرة مباركة - إبراهيم عليه السلام - زيتونة لا شرقية ولا غربية - لا يهودية ولا نصرانية - يكاد زيتها يضئ - أي يكاد العلم ينفجر (2) منها - ولو لم تمسسه نار نور على نور - إمام منها بعد إمام - يهدي الله لنوره من يشاء - يهدي الله للأئمة من يشاء - ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم) * (3).
وتحقيق هذا التأويل: يقتضي أن الشجرة المباركة هي دوحة التقى والرضوان والهدى والايمان، شجرة أصلها النبوة، وفرعها الإمامة، وأغصانها التنزيل، وأوراقها التأويل، وخدامها جبرئيل وميكائيل والملائكة قبيل بعد قبيل.
فما عسى أن يقال في فضلها وما قيل، وأن تدرك ثناءها الأحاديث والأقاويل، وأن تحيط بالجملة (4) منها التفصيل.
ثم لما عرفنا المشكاة والمصباح والزجاجة وأنها أجسام ولابد لها من محل تحل فيه فقال تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه - إلى قوله - والله يرزق من يشاء بغير حساب [38] معناه أن نور الله سبحانه الذي (كمشكاة فيها مصباح) في هذه البيوت التي أذن الله، أي أمر أن ترفع أقدارها، وأن تعظم وتبجل لان الله قد طهر أهلها وهم الأنبياء والأوصياء من الأرجاس والأدناس لقوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (5) وقوله تعالى * (ويذكر فيها اسمه - أي يتلى فيها كتابه - يسبح له فيها بالغدو والآصال) * رجال وصفهم بهذه الأوصاف التي لم توجد (6) إلا فيهم وهم الأنبياء والأوصياء، على ما يأتي بيانه في تأويله.