لان موسى والخضر عليهما السلام اعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم وراثة (1).
9 ويؤيد هذا ويطابقه: ما ذكره أصحابنا من رواة الحديث من كتاب الأربعين رواية سعد الأربلي، عن عمار بن خالد، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك ابن سليمان قال: وجد في ذخيرة حواري عيسى عليه السلام رق فيه مكتوب بالقلم السرياني منقولا من التوراة.
وذلك لما تشاجر موسى والخضر عليهما السلام في قصة السفينة والغلام والجدار ورجع موسى إلى قومه فسأله أخوه هارون عما استعلمه من الخضر وشاهده من عجائب البحر فقال موسى عليه السلام بينا أنا والخضر على شاطئ البحر إذ سقط بين أيدينا طائر فأخذ في مناقرة قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق، وأخذ منه ثانية ورمى بها نحو المغرب، ثم أخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء، ثم أخذ رابعة ورمى بها نحو الأرض، ثم أخذ خامسة وألقاها في البحر، فبهت أنا والخضر من ذلك وسألته عنه؟
فقال: لا أعلم. فبينا نحن كذلك وإذا بصياد يصيد في البحر فنظر إلينا.
وقال: مالي أراكما في فكرة (2) من أمر هذا الطائر؟ فقلنا له: هو ذاك.
فقال: أنا رجل صياد وقد علمت إشارته، وأنتما نبيان لا تعلمان؟!
فقلنا: ما نعلم إلا ما علمنا الله عز وجل.
فقال: هذا طائر في البحر يسمى (مسلما) لأنه إذا صاح يقول في صياحه (مسلم مسلم) فأشار برمي الماء من منقاره نحو المشرق، والمغرب، والسماء، والأرض، وفي البحر يقول: إنه يأتي في آخر الزمان نبي يكون علم أهل المشرق والمغرب، وأهل السماء والأرض عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة في البحر، ويرث علمه ابن عمه ووصيه. فعند ذلك سكن ما كنا فيه من المشاجرة، واستقل كل واحد منا علمه، بعد أن