أبان بن تغلب قال لي أبو عبد الله ع جالس أهل المدينة فاني أحب ان يروا في شيعتنا مثلك. قال وروي عن صالح بن السندي عن أمية بن علي عن مسلم بن أبي حية كنت عند أبي عبد الله ع في خدمته فلما أردت ان أفارقه ودعته وقلت أحب ان تزودني قال أ رأيت أبان بن تغلب فإنه قد سمع مني حديثا كثيرا فما روى لك عني فاروه عني انتهى. قال الميرزا في الرجال الكبير: في الرواية الأولى عمر بن عبد العزيز وهو مخلط على قول النجاشي ويروي المناكير على قول ابن شاذان إلا أن رواية أحمد بن محمد ابن عيسى عنه ربما تنبئ عن حسن حاله نعم في الثانية علي بن إسماعيل بن عمار وقال النجاشي انه من وجوه من روى الحديث والظاهر أن الثالثة مرسلة إلا أن المرسل محمد بن أبي عمير فلا تقصر عن المسند وفي الرابعة صالح بن السندي وهو مهمل وأمية ضعيف وبدل مسلم قد سبق عن النجاشي سليم وعلى كل حال لا اعرفه الآن لكن لا يخفى ان ضعف هذه الروايات غير قادح فان حسن حال ابان في الجلالة وعظم منزلته متفق أشهر من أن يحتاج إلى صحة هذه انتهى.
ثم إنه على ما تقدم ابان أول من صنف في غريب القرآن وعن السيوطي في الأوائل: أول من صنف في غريب القرآن أبو عبيدة معمر بن المثنى المتوفي سنة 208 أو 209 أو 210 أو 211 والعجب أن السيوطي مع نقله في بغية الوعاة عن ياقوت ان أبان بن تغلب صنف غريب القرآن وذكره انه مات سنة 141 كيف يقول إن أول من صنف فيه أبو عبيدة مع تأخر وفاة أبي عبيدة عن وفاة ابان بسبع وستين سنة على الأقل.
وذكره الذهبي الدمشقي في ميزان الاعتدال فيمن اخرج له مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة في لبهم وقال شيعي جلد لكنه صدوق قلنا صدقه وعليه بدعته وقد وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال كان غاليا في التشيع وقال السعدي زائغ مجاهر فلقائل أن يقول كيف ساع توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والاتقان وجوابه ان البدعة على ضربين صغرى كغلو التشيع أو التشيع بلا غلو ولا تحرق فهذا كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة الآثار النبوية وكبرى كالرفض الكامل والغلو فيه فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة وأيضا فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلا بل قد يعتقد عليا أفضل منهما انتهى وإذا كان الذهبي يعد ولاء أهل البيت وتفضيلهم وتقديمهم على غيرهم واخذ احكام الدين عنهم وهم أحد الثقلين ومثل باب حطة وسفينة نوح بدعة ويسميه غلوا ورفضا كاملا ويرد الرواية لأجله فهذه هي البدعة والنصب الكامل والغلو فيه وحاشا ان يكون في ذلك بدعة صغرى أو كبرى وإنما أخذوا دينهم واحكامهم عن أئمة أهل البيت الطاهر واقتدوا بهم وهم اعلم بسنة جدهم صلى الله عليه وآله وسلم من الذهبي وغيره واما ان الكذب شعارهم فحاشاهم من ذلك وهم اتباع معادن الصدق لا من أقام أربعين شاهدا يشهدون زورا لأم المؤمنين ان هذا ليس ماء الحوأب واما ان التقية والنفاق دثارهم فالتقية قد أجازها القرآن الكريم الا ان تتقوا منهم تقاة. الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان. وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه فإن كانت نفاقا فحبذا نفاق اجازه القرآن ومدح صاحبه ولنعم ما قاله الصاحب بن عباد:
حب علي بن أبي طالب هو الذي يفضي إلى الجنة إذا كان تفضيلي له بدعة فليت شعري ما هي السنة وإذا كان للذهبي ذكر في ميزانه الموضوع لذكر المقدوحين أو الثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه امام أهل البيت جعفر بن محمد الصادق فلا نلومه على هذا الكلام في حق شيعته واتباعه ولذلك أسوة بترك من ترك الرواية عن جعفر الصادق مع روايته عن عمران بن حطان مادح عبد الرحمن بن ملجم على قتله علي بن أبي طالب ع وعن أمثاله ونعم الحكم الله.
وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: قال احمد ويحيى وأبو حاتم والنسائي: ثقة وقال الجوزاني زائغ مذموم المذهب مجاهر وقال ابن عدي له نسخ عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة وهو من أهل الصدق في الروايات وإن كان مذهبه مذهب الشيعة وهو في الرواية صالح لا باس به. قلت هذا قول منصف واما الجوزاني فلا عبرة بحطه على الكوفيين فالتشيع في عرف المتقدمين تفضيل علي على عثمان وانه مصيب في حروبه ومخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم ان عليا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإذا كان معتقد ذلك ورعا دينا صادقا مجتهدا فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية. وفي عرف المتأخرين هو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة. قال المؤلف عدم قبول رواية الشيعي ولو كان ثقة صادقا وتسميته بالرافضي الغالي وقبول رواية كلاب النار الذين مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية بنص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذين يبرأون من علي وعثمان ويكفرونهما لا نجد له عذرا ولا مسوغا وإباحة الاجتهاد للقدماء كما يشير إليه قوله مجتهدا وحظره على المتأخرين تفريق بلا دليل مفرق قوله لا عبرة بحطه على الكوفيين يشير إلى أن حطه عليهم لأجل التشيع لاشتهار الكوفيين بذلك فهو محض تعصب وميل مع الهوى ثم قال وقال ابن عجلان: أبان بن تغلب من أهل العراق من النساك ثقة وأخرج الحاكم حديث ابان في مستدركه قال كان قاص الشيعة وهو ثقة ومدحه ابن عيينة بالفصاحة والبيان وقال أبو نعيم في تاريخه كان غاية من الغايات وقال العقيلي سمعت أبا عبد الله يذكر عنه عقلا وأدبا وصحة حديث إلا أنه كان غاليا في التشيع وقال ابن سعد كان ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال الأزدي كان غاليا في التشيع وما اعلم به في الحديث بأسا انتهى وعنه في تقريب التهذيب ابان ثقة تكلم فيه للتشيع.
من روى عنه ابان من أئمة أهل البيت ع روى عن علي بن الحسين زين العابدين وعن الباقر والصادق ع كما مر.
مشايخه في بغية الوعاة قال الداني اخذ القراءة عن عاصم بن أبي النجود وطلحة بن مصرف وسليمان الأعمش وهو أحد الثلاثة الذين ختموا عليه القرآن وسمع الحكم بن عتيبة وأبا اسحق الهمذاني وفضيل بن عمر وعطية العوفي انتهى. وفي غاية النهاية في طبقات القراء: قرأ على عاصم وأبي عمرو الشيباني وطلحة بن مصرف والأعمش وهو أحد الذين ختموا عليه ويقال انه لم يختم القرآن على الأعمش الا ثلاثة منهم أبان بن تغلب انتهى وفي تهذيب التهذيب: روى عن أبي إسحاق السبيعي والحكم بن عتيبة وفضيل بن عمر والفقيمي وأبي جعفر الباقر وغيرهم انتهى.