الدارقطني غير مرة يقول أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بعلم الحديث وبجرح الرواة وتعديلهم في زمانه وكان في غاية من الورع والتقى أ لا ترى انه يروي في سننه عن الحارث بن مسكين هكذا قرئ عليه وانا اسمع ولا يقول في الرواية عنه حدثنا وأخبرنا كما يقول في روايات أخرى عن مشائخه وكان شافعي المذهب وكان ورعا متحريا وكان يواظب على صوم داود ونقل السبكي عن شيخه الذهبي ووالده السبكي ان النسائي احفظ من مسلم صاحب الصحيح وان سننه أقل السنن بعد الصحيحين حديثا ضعيفا بل قال بعض الشيوخ انه أشرف المصنفات كلها وما وضع في الاسلام مثله وقال جماعة كل ما فيه صحيح لكن فيه تساهل صريح وشذ بعض المغاربة ففضله على كتاب البخاري ولعله لبعض الحيثيات الخارجة عن كمال الصحة وصنف في أول الأمر السنن الكبرى ثم صنع المجتبى من السنن الكبرى ولخص منها الصغيرة فإذا قيل رواه النسائي فالمراد هذا المختصر لا السنن الكبرى وهي إحدى الكتب الستة وإذا قالوا الكتب أو الأصول الخمسة فهي البخاري ومسلم وسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي اه ما على ظهر السنن الصغرى المطبوعة.
تشيعه قال ابن خلكان: قال محمد بن إسحاق الأصبهاني سمعت مشائخنا بمصر يقولون إن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره وخرج إلى دمشق فسئل عن معاوية وما روي من فضائله فقال أ ما يرضى معاوية ان يخرج رأسا برأس حتى يفضل وفي رواية أخرى ما أعرف له فضيلة الا لا أشبع الله بطنك وكان يتشيع فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد وفي رواية أخرى يدفعون في خصييه وداسوه ثم حمل إلى الرملة فمات بها وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني لما امتحن النسائي بدمشق قال: احملوني إلى مكة فحمل إليها فتوفي بها وهو مدفون بين الصفا والمروة وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني لما داسوه بدمشق مات بسبب ذلك الدوس وهو منقول قال وكان قد صنف كتاب الخصائص في فضل علي بن أبي طالب وأهل البيت وأكثر رواياته فيه عن أحمد بن حنبل فقيل له أ لا تصنف كتابا في فضائل الصحابة فقال دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير فأردت ان يهديهم الله تعالى بهذا الكتاب وقال الدارقطني امتحن بدمشق فأدرك الشهادة اه ابن خلكان وفي تهذيب التهذيب قال أبو بكر المأموني سألته عن تصنيفه كتاب الخصائص فقال: دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير فصنفت كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله ثم صنف بعد ذلك كتاب فضائل الصحابة وقرأها على الناس وقيل له وانا حاضر أ لا تخرج فضائل معاوية فقال أي شئ أخرج اللهم لا تشبع بطنه وسكت وسكت السائل اه تهذيب التهذيب. وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ: عامة ما ذكرت سمعه الوزير ابن خيرانة عن محمد بن موسى المأموني صاحب النسائي وقال فيه سمعت قوما ينكرون على أبي عبد الرحمن كتاب الخصائص لعلي وتركه تصنيف فضائل الشيخين فذكرت له ذلك فقال: دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير فصنفت كتاب الخصائص رجوت ان يهديهم الله به ثم أنه صنف بعد ذلك فضائل الصحابة فقيل له وانا اسمع أ لا تخرج فضائل معاوية فقال اي شئ اخرج حديث اللهم لا تشبع بطنه فسكت السائل قال الذهبي بعد نقله لهذا: قلت لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة قال المؤلف: النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يلعن من لا يستحق اللعن ولا يشتم من لا يستحق الشتم وهو كما وصف في القرآن الكريم على خلق عظيم فكيف يشتم أحدا ويطلب من الله ان يجعل ذلك زكاة له ورحمة وأولى بكرم أخلاقه ان يطلب الزكاة والرحمة له من الله إن كان من أهلهما ولا يشتمه ولا يمكن ان يشتم الا من يعلم بأنه ليس أهلا لهما ثم قال الذهبي: قال أبو عبد الله بن سنده عن حمزة العقبي المصري وغيره ان النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق فسئل بها ما جاء من فضائل معاوية فقال أ لا ترضى رأسا برأس حتى تفضل فما زالوا يدفعون في خصيبه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفي بها قال كذا في هذه الرواية إلى مكة وصوابه الرملة قال الدارقطني خرج حاجا فامتحن بدمشق وأدرك الشهادة فقال احملوني إلى مكة فحمل وتوفي بها وهو مدفون بين الصفا والمروة. وقال محمد بن المظفر الحافظ سمعت مشائخا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار وانه خرج إلى الغزو مع أمير مصر فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين واحترازه عن مجالس السلطان الذي خرج معه والانبساط في المآكل وانه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج اه.
قال المؤلف قوله من جهة الخوارج من المضحكات فلم يقل أحد من رواة الاخبار ونقلة الآثار ان الذين دفعوا في خصيي النسائي وداسوا بطنه في جامع دمشق حتى مات شهيدا كانوا من الخوارج وما تصنع الخوارج في جامع دمشق والخوارج أعدى الناس لمعاوية فهل يمكن ان يفعلوا هذا بالنسائي انتصارا له بل هم من أمثال من جعل الحديث الذي اورده النسائي من جملة المناقب.
وفي الترجمة المطبوعة بمصر على ظهر سنن النسائي الصغرى: وجرى عليه بعض الحفاظ فقال مات ضربا بالأرجل من أهل الشام حين أجابهم لما سالوه عن فضل معاوية ليرجحوه على علي بقوله أ لا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل وفي رواية ما أعرف له فضيلة الا لا أشبع الله بطنه وكان يتشيع فما زالوا يضربونه بأرجلهم حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فمات مقتولا شهيدا. وقال الدارقطني ان ذلك كان بالرملة وكذا قال العبدري انه مات بالرملة بمدينة فلسطين اه ما على ظهر السنن أقول الظاهر أن ذلك جرى له بدمشق فقال لهم احملوني إلى مكة فحمل إليها فتوفي بالرملة في طريقه إلى مكة وأوصى قبل موته ان يحمل إلى مكة فحمل إليها أو انه حمل إلى الرملة ثم إلى مكة فمات بها جمعا بين الروايات فلذلك وقع الاشتباه من حمله إلى الرملة وموته بها انه دفن بها أو من حمله إليها انه مات ودفن بها والله أعلم.
مشايخه في تهذيب التهذيب سمع من خلائق لا يحصون وروى القراءة عن أحمد بن نصر النيسابوري وأبي شعيب السوسي وفي تذكرة الحفاظ سمع قتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه وهشام بن عمار وعيسى بن زغبة ومحمد بن النضر المروزي وأبا كريب وسويد بن نصر الشاه وأمثالهم بخراسان والحجاز والعراق ومصر والشام والجزيرة وفي ترجمته المطبوعة على ظهر سننه أنه يروي عن الحارث بن مسكين وسمع سليمان بن أشعث ومحمود بن غيلان ومحمد بن بشار وعلي بن حجر وأبا داود السجستاني