قدرته، قوي الملاحظة عظيم الانتباه للحكم والمصالح والأسرار المستودعة في حقائق الأشياء، وكان ما ذكرناه شغله الشاغل عن حاجات بدنه من طعام وشراب وراحة ومنام ومعاشرة ومفاكهة لا يقر له من كثرة الطلب قرار في ليل أو نهار حتى أورد بدنه بذلك موارد العلل والأسقام، وقد سئل عن أغلب العلوم بل كلها، فأجاب بما لم يوجد في كتاب ولم يذكر في خطاب بل بما تجده منطويا على الفطرة تقبله الطبيعة كأنه مستمع ذلك وعالم بما هنا لك، وكان يستشهد على أكثر آرائه بآية من كتاب الله أو حديث عن رسوله وأهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام اه ودعوى الكشف والالهام والخروج عن ظواهر الشريعة إلى بواطنها بدون برهان قطعي ولا نص جلي لا يقبل الاحتمال ولا التأويل مفسدة ما بعدها مفسدة، وبسببها كان ضلال بعض الفرق وخروجها عن دين الاسلام. والانقطاع عن الخلق وعن مخالطة الناس ومعاشرتهم مرغوب عنه في الشريعة الاسلامية المطهرة، ومخالف لسيرة الأنبياء ع وطريقتهم، نعم قد يرجح ذلك في مخالطة بعض الأشرار الذين لا يؤمل هدايتهم بالمخالطة ويخاف من عدواهم باخلاقهم، وإجهاد النفس والبدن حتى يورده موارد العلل والأسقام مخالف لما جاءت به الشريعة السهلة السمحاء وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض من سلك ما يشبه هذه الطريقة: يا عدي نفسه! ان لبدنك عليك حقا ولزوجتك عليك حقا! أو ما يقرب من هذا. وأما أنه كان يسال عن أغلب العلوم أو كلها فيجيب بما لم يوجد في كتاب ولم يذكر في خطاب فهذا لم يكن لغير الأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، بل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ما يسال فينتظر الوحي ليجيب، ولما سئل عن الروح أوحى الله تعالى إليه يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا نعم إذا كان الجواب مثل جوابه عن وجود المهدي ع هان عليه الجواب عن كل ما يسال عنه. هذا وقد أطنب صاحب روضات الجنات في وصف هذا الرجل ومدحه وبالغ في الثناء عليه والدفاع عنه، بل مدحه بما لم يمدح به أحدا من عظماء العلماء وأطال في ذلك باسجاعه المعلومة، ولا باس بنقل شئ منها تفكها وعبرة، قال: لم يعهد في هذه الأواخر مثله في المعرفة والفهم والمكرمة والحزم وجودة السليقة وحسن الطريقة وصفاء الحقيقة وكثرة المعنوية والعلم بالعربية والأخلاق السنية والشيم المرضية والحكم العلمية والعملية وحسن التعبير والفصاحة ولطف التقرير والملاحة يرمى عند بعض أهل الظاهر من علمائنا بالافراط والغلو مع أنه لا شك من أهل الجلالة والعلو، إلى غير ذلك قال وقد يذكر في حقه أنه كان ماهرا في أغلب العلوم عارفا بالطب والقراءة والرياضي والنجوم مدعيا لعلم الصنعة أي الكيميا والاعداد والطلسمات ونظائرها من الأمر المكتوم وقال إنه كان شديد الإنكار لطريقة الصوفية الموهونة، بل ولطريقة ملا محسن الكاشي الملقب بالفيض في العرفان بحيث أنه قد ينسب إليه تكفيره أقول وهذا موضع المثل القمر غير المغرفة فقال يا سوداء يا مقرفة قال: ذهب في أواسط عمره إلى بلاد العجم وأكثر اقامته كان في يزد ثم انتقل منها إلى أصفهان وبقي فيها مدة ثم أراد الرجوع إلى كربلاء فلما وصل قرميسين كرمنشاه طلب منه أميرها محمد علي ميرزا ابن فتح علي شاة البقاء فيها وذلك خوفا من وقوع فتنة أو خوفا عليه أو بطلب من علماء العراق فبقي إلى أن توفي الأمير في سفره إلى حرب بغداد، ووقعت الفتن في إيران فارتحل إلى كربلاء. ثم نقل عن تلميذه السيد كاظم الرشتي ما محصله: أنه لما بلغ الشقاق والنفاق بينه وبين من خالفه من فضلاء العراق مبلغه ولم يمكنه دفعه بوجه لم يجد بدا من عرض عقائده الحقة عليهم في مجتمعهم وطلب منهم أن يسألوه عما يريدون فلم يتلفتوا إلى قوله وكتبوا إلى رؤساء البلدان وأهل الحل والعقد من الأعيان أن الشيخ أحمد كذا وكذا اعتقاده فشوشوا أفكار الناس من قبله وأوغروا صدورهم عليه ولم يكفهم ذلك حتى أتوا ببعض كتبه إلى والي بغداد ليظهروا له أن فيها اعتقادات باطلة فخاف من ذلك ولم يمكنه الهرب ولا المقام ثم عزم على قصد بيت الله الحرام وباع كل ما عنده وخرج باهله وعياله وأولاده مع ضعف بدنه وكبر سنه وشدة خوفه فوافاه أجله في هدية على ثلاث مراحل من المدينة المنورة اه وجلس لعزائه صاحب الإشارات والمنهاج ثلاثة أيام بأصبهان. وفي نجوم السماء. من فضلاء الزمان وعلماء الأوان حكيم ماهر فيلسوف صاحب تصانيف كثيرة.
مشايخه يروي بالإجازة عن السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والسيد علي صاحب الرياض والشيخ جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء والميرزا السيد مهدي الشهرستاني الحائري والشيخ حسين بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عصفور الرازي البحراني وجماعة من علماء القطيف والبحرين وأكثر عباراتهم في حقه مذكورة في شذور العقيان في تراجم الأعيان كما في نجوم السماء والظاهر أن اجازة هؤلاء له كانت في أول أمره.
تلاميذه يروي عنه بالإجازة السيد إبراهيم الكرباسي صاحب الإشارات ومن تلامذته الميرزا علي محمد الملقب بالباب الذي أحدث مذهب البابية ويروي عنه بالإجازة الشيخ أسد الله الشوشتري والسيد كاظم الرشتي والحاج محمد إبراهيم الكرباسي صاحب الإشارات وولدا المترجم الشيخ محمد تقي والشيخ علي تقي وصاحب الجواهر.
مؤلفاته قيل: إن له من المؤلفات ما يزيد عن مائة رسالة وكتاب ذكرها تلميذه الرشتي وغيره 1 شرح الزيارة الجامعة الكبيرة فيه كثير من الشطحات ولعل في غيره كذلك مما لم نره 2 الفوائد وشرحه في الحكمة والكلام 3 شرح الحكمة العرشية لملا صدرا 4 شرح المشاعر له 5 شرح تبصرة العلامة لم يتم 6 أحكام الكفار باقسامهم قبل الاسلام وبعده وأحكام فرق الاسلام ألفها بالتماس محمد علي ميرزا 7 رسالة نفي كون كتب الاخبار الأربعة الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار قطعية كما يزعمه الاخبارية ومسائل في ضمنه 8 مباحث الألفاظ في الأصول 9 كون القضاء بالأمر الأول 10 تحقيق القول بالاجتهاد والتقليد وبعض مسائل الفقه 11 تحقيق الجواهر الخمسة والأربعة عند الحكماء والمتكلمين والأجسام الثلاثة والأعراض الأربعة والعشرين ومادة الحوادث وبعض مسائل الفقه 12 بيان حقيقة العقل والروح والنفس بمراتبها 13 جواز تقليد غير الأعلم وبعض مسائل الفقه 14 معنى الإمكان والعلم والمشيئة وغيرها 15 الرسالة الخاقانية في جواب مسالة السلطان فتح علي شاة عن سر أفضلية المهدي ع على الأئمة الثمانية ع 16 الرسالة الخاقانية أيضا في جواب سؤاله عن حقيقة البرزخ والمعاد والتنعم في البرزخ والجنة 17 شرح علم الصناعة والفلسفة وأحوالها 18 شرح أبيات الشيخ علي بن عبد الله بن فارس في علم الصناعة 19 شرح