مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥
فهل من المعقول أن تكون تلك الجمجمة قد تحطمت، وأن يكون أولئك الفرسان قد تبددوا في مشارق الأرض ومغاربها؟
وأن يكون ذلك قد جرى في غمضة عين وانتباهتها بالنسبة لحياة الشعوب؟
ثم أليس عجيبا من الدكتور منيمنة الحصيف أن يقول: أن الكتلة التي ساندت المأمون قد اختارت خراسان مقرا ومنطلقا لايصال المأمون إلى الخلافة؟
وأين رأى أن هذه الكتلة هي التي اختارت خراسان؟ وهل كان في يد المأمون وكتلته أن يختاروا مقرهم ومنطلقهم؟
أليس الرشيد هو الذي اختار المقر، والأمين هو الذي اختار المنطلق؟
هل المأمون وكتلته هم الذين قسموا المملكة إلى قسمين: غربي يحكمه الأمين ومقره في بغداد. وشرقي يحكمه المأمون ومقره في مرو عاصمة خراسان، أو الرشيد هو الذي فعل ذلك؟
وهل المأمون وكتلته كانوا مختارين في إيصال المأمون إلى الخلافة فانطلقوا من مرو، أو الأمين هو الذي خلع أخاه المأمون من ولاية العهد وجعله ينطلق مع كتلته من خراسان للوصول إلى الخلافة؟
نحن لا ننكر أنه كان بين من ناصروا المأمون فرس، ويكفي في ذلك أخواله، كما أننا لا ننكر أنه كان بين من ناصروا الثورة العباسية فرس، ولكن العرب كانوا يشكلون القوة الضاربة في كلا الموقفين.
وكما كان بين أنصار العباسيين أيام الثورة فرس كذلك كان بين أنصار خصومهم فرس، فقد انضم الفرس إلى الجانبين العباسي والأموي، فرأينا مثلا أهل نيسابور وبلخ الفرس ينحازون إلى نصر بن سيار.
وهذا طبيعي ما دام في الناس اختلاف المشارب والأهواء والأغراض.
وكذلك الحال في الخلاف بين الأمين والمأمون، وإذا كنا لم نر اسما فارسيا بارزا بين أنصار الأمين، فلأن أصحاب مثل هذه الأسماء كانوا تحت سيطرة المأمون فلا يستطيعون التحرك كما يريدون.
على أننا ننكر القضية من أصلها، وهي الزعم أن العرب كانوا مع الأمين، فنحن نقول بان العرب حتى في الجزيرة العربية عش العرب ومنبتهم كانوا مع المأمون. فان والي مكة داود بن عيسى لما بلغه خلع الأمين لأخيه المأمون من ولاية العهد، دعا أهل مكة وأعلن أنه يبايع المأمون بالخلافة وسألهم ما هم فاعلون؟
فاستجاب له وجوه القوم وبايعوا المأمون، ثم استجابت له جماهير الشعب كلها. ويصف الطبري بعض ما جرى قائلا: وجعل الناس يبايعونه جماعة بعد جماعة، ففعل ذلك أياما. ومثل الذي جرى في مكة جرى في المدينة، حيث بايعت جماهير الشعب المأمون وخلعت الأمين.
وجرى مثل ذلك في اليمن أيضا، ويصف الطبري بيعة أهل اليمن بقوله:
فأجاب أهل اليمن إلى بيعة المأمون واستبشروا بذلك وبايعوا للمأمون وخلعوا الأمين.
وإذا كانت الجزيرة العربية قد خلعت الأمين وبايعت المأمون وأمره لا يزال متأرجحا بين النجاح والفشل، بل أنه كان إلى الفشل أقرب، وإذا كان عرب الحجاز واليمن قد أعلنوا أنهم مع المأمون على الأمين وهم يبعدون عنه عشرات آلاف الأميال.
وإذا كانت مكة والمدينة وصنعاء وهي عواصم العرب الأولى قد أيدت المأمون، فهل يصح القول بان العرب لم يكونوا مع المأمون؟
وإذا كان للمأمون أخوال في خراسان، فما أكثر أعمامه في الحجاز واليمن، ولن يكون الأخوال مهما أشفقوا أكثر إشفاقا من الأعمام.
على أن مما يجب ذكره أن عرب الجزيرة قد أعلنوا المأمون خليفة وبايعوه، من قبل أن يعلن هو ذلك، إذ أنه كان لا يزال مجرد متمرد على خليفة بغداد، ولا يعلم إلى أي مصير سيصير.
وجاء موسم الحج وحال المأمون هو الحال نفسه، ولكن موقف أهل مكة المؤيد جعل طاهر بن الحسين قائد المأمون المتقدم لحصار بغداد يرسل العباس بن موسى ليحج بالناس باسم المأمون، وهو أول موسم دعي فيه للمأمون بالخلافة في مكة والمدينة.
وهكذا أعلنت خلافة المأمون في صميم بلاد العرب قبل أن تعلن في خراسان، وغير خراسان، أعلنها العرب في أقدس مكان عند المسلمين والعرب. ويقول الدكتور منيمنة أن الجيش الخراساني الذي خرج هذه المرة من خراسان ليحمل المأمون إلى سدة الخلافة كان معظم قادته وعناصره من أهل خراسان الفرس. ونقول له: لا دليل على هذا القول بل أن الأمر على العكس ما دام لم يثبت بل ليس من المعقول أن يكون العرب قد أزيلوا من خراسان.
وأننا نستطيع أن نعدد من أسماء قادة ذلك الجيش من العرب كلا من: محمد بن طالوت، ومحمد بن العلاء، والحارث بن هشام، وداود بن موسى، وهادي بن حفص، وقريش بن شبل، والحسن بن علي المأموني. وهذه الأسماء وحدها كافية لتدل على أن القيادة كانت عربية.
وما رأيه إذا قلنا أن فرقة عسكرية يبلغ عدد رجالها نحو خمسة آلاف رجل نص الطبري على أنهم من أهل خراسان انسلخت عن جيش المأمون المحاصر لبغداد وانضمت إلى الأمين.
فإذا كان هؤلاء الرجال فرسا فان خؤولة الفرس للمأمون لم تنفعه بشئ، وأن كانوا عربا فان الطبري قد نص على أنهم من أهل خراسان، إذن فان كلمة أهل خراسان في أيام المأمون لا تعني الفرس، كما يقول الدكتور منيمنة، بل تعني العرب وأن الجيش لم يكن فارسيا.
وما رأيه في أن بغداد العربية نفسها كان فيها الناقعون على الأمين، ولم يمنعهم من الجهر بنقمتهم إلا خوف السلطة. وقد عبر عن هذه النقمة شاعر بغدادي ظل اسمه مجهولا بسبب الخوف فقال يخاطب الأمين وجيوش المأمون مشرفة على حصار بغداد:
يا ناكثا أسلمه نكثه * عيوبه من نكثه فاشيه قد جاءك الليث بشداته * مستكلبا في أسد ضاريه فاهرب ولا مهرب من مثله * إلا إلى النار أو الهاويه والواقع أن هذه الأبيات تعبر عن النقمة الشعبية، وأن الناس عربا وفرسا يرون أن المأمون معتدى عليه، فالأمين هو الذي نكث عهد والده
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370