البغلي معه علاقة ودية وأدبية، فهذه أبيات للشيخ علي المذكور كما في ديوانه أرسلها إلى البغلي يذكر فيها ما بينه وبينه من صلة ومودة:
سلام جلا محض الوداد وأغربا * وبين صدق الاتحاد وأعربا وفاح بساحات الصداقة عنبرا * ولاح بآفاق العلاقة كوكبا محمد البغلي من شاع ذكره * بأقطار أرض الله شرقا ومغربا كما ورد ذكره في غير موضع من ديوان الشيخ علي حيث قال: كان لمحمد بن علي البغلي مراث، فترك القراء قراءتها، فنظم أبياتا يشكو فيها وطلب مني نصرته فقلت:
يا من أتى من شعره بعزائم * سجدت لهن مفالق الشعراء وتيقنوا أن لا سواك فوحدوا * لك مخلصين بغير شوب رياء قسما بنظمك ذلك النظم الذي * ضاعت لديه كواكب الجوزاء (1) وقد كانت لشاعرنا البغلي علاقة أدبية مع آخرين من شعراء قطره الأحساء منهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عثمان الأحسائي، وهما بدورهما كانت تربطهما علاقة ودية مع شاعر آخر من أهل العراق في مدينة البصرة، هو السيد عبد الجليل البصري، ولم نتأكد من أسباب هذه العلاقة التي ربطت بينهما وبين الشاعر البصري، فهل زار هو بدوره الأحساء وتعرف على الشاعرين؟ أم أنه كان قد سكن الأحساء؟ أم أنهما زارا الشاعر في مدينة البصرة فتعرفا عليه...؟
والسيد عبد الجليل البصري من مواليد سنة 1776 م، وتوفي سنة 1827 م، وقد وردت في ديوان البصري قصيدة أرسلها إلى كل من الشيخ البغلي والشيخ عبد الله الأحسائي جوابا عن رسائل شعرية وردت منهما إليه وهي تؤكد تلك الصلة بين هؤلاء الشعراء الثلاثة، قال:
إلى طيب ملهى للعذارى وملعب * يحن فؤاد المستهام المعذب وقد امتدح كلا منهما وأشاد بمواهبهما، فبعد أن ذكر الشيخ عبد الله قال يذكر الشيخ محمدا البغلي:
ففاق بنظم لا يباريه شاعر * سوى ما أتى من نظم واف مهذب كسمط من العقيان والدر فصلت * فرائده من كل غال مثقب نظام فريد في القريض مبرز * فلم يرض من بكر المعاني بثيب وهو هنا يشير إلى ما اشتهر به شاعرنا البغلي من امتهان الطب باستعمال العقاقير، كما يشير إلى ظاهرة الولاء لأهل البيت ع عند البغلي فيقول:
ذكي به علم العقاقير نير * فأصبح جالينوس في جنبه غبي هو ابن علي ذو الوفاء محمد * محب لآل المصطفى عترة النبي غدا نظمه وشي الربيع وكافلا بصدق * وداد بالولاء مطنب كما أرسل السيد عبد الجليل الجواب نثرا لكل من الشاعرين المذكورين، فقال في جوابه للشيخ البغلي:
إن ألطف ما اكتحلت به الأحداق، رسائل الأشواق، إذا تكفلت بما رق وراق، مما تتحلى به الأوراق، كرسالة وردت إلينا آنفا، غدوت منها لأنوار الربيع قاطفا، رسالة من نسجت البلاغة مطارف نظامه، وتقاطرت شآبيب البراعة من شق أقلامه، صاحبنا صادق الوعد الجلي، محمد بن علي، لا زال ربيع الآداب به آهلا عامرا، يقتطف من أفنان فنونه ثمرات أفكار الأكابر... (2).
كما جاء ذكر شاعرنا البغلي في كل من كشكول (3) الصائغ الأحسائي وكتاب محمد (4) بن عبد المحسن الغريب، فقد وردت له في الكتابين أبيات قالها في القهوة والغليون، قال في البن:
بزغت شموس البن ذات تشعشع * كدم الغزال تضيء في الأقداح قتلت فأحيت ميت كل مسرة * بشميم طيب عرفها النفاح جليت كما تجلى العروس لزوجها * ويديرها ذو عفة وسماح وسعى بها كالبدر في غلس الدجى * والصبح مستغن عن المصباح كتب الجمال بخده من حبرها * كالمسك خالا ما له من ماح فاشرب كؤوس البن أنى شئت * إن البن للشهوات كالمفتاح ومنها في الغليون:
وعليك بالتتن الندي فإنه * معها لعمرك راحة الأرواح طرقتك بعد الكاس لامعة الطلا * كالزند تقدح في يد القداح عجمية تركية عربية * خود خدلجة وأي رداح مالت لنشوتها النفوس لأنها * حلت هناك محلة الأرواح (5) اثاره العلمية منها 1 أبيات يجمع فيها أحكام المبتدأ والخبر، ويظهر أنها من أرجوزة له ضاعت، قال:
مذهب سيبويه رفع المبتدا * مجردا يعمل فيه الابتدا وبعضهم يرفعه مع الخبر * به وبعض للذي قال حضر وبعضهم قال هما ترافعا * والأول المختار عند من دعا وهذه أبيات أخرى في الطب، ويظهر أنها من أرجوزة له في هذا الفن، قال:
اجعل على الحزاز أني أجهدك * حنا وصبرا يعجنان بالودك والمر والترياق مع دهن البقر * للبطن والزحير والدم أن قطر أما آثاره الأدبية: فهي ديوانه الذي عثر عليه مؤخرا، وأغلبه في أهل البيت ع، والباقي منه في مواضيع أخرى، ويبلغ عدد أبياته 1035 بيتا الشعر العمودي والمربعات، والتخاميس، والرجز، ووجدت في ديوانه ما يشبه البند قاله مستسقيا، وها أنا أعرض أمام القاري بعض النماذج من قصائده، فهذه قصيدة قالها في الغزل، وتخلص فيها إلى مدح النبي