فلا يحتمل أن يكون المنتجب وصل إلى الحلة ولم يزر الامامين ع، فمن المقطوع به أنه ذهب إلى كربلاء وإلى النجف الأشرف، واجتمع بمن فيهما من أعلام الطائفة والنجف الأشرف يومذاك عاصمة العلم للطائفة، وبها أبو نصر محمد بن الحسن الطوسي حفيد شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460، وعدد لا يستهان بهم من تلامذة أبيه أبي علي الطوسي.
4 خوارزم علمنا من ترجمة شيخه منير الدين الأصبهاني نزيل خوارزم أنه رحل إليها وسمع الحديث بها وقرأ على مشائخها، حيث يقول في ترجمة المذكور: شاهدته بخوارزم وقرأت عليه.
والظاهر أنه في طريقه من الري إلى خوارزم قد تجول في كل مدن خراسان الزاخرة بالأعلام والمحدثين، فقد كانت مدن خراسان في تلك المرحلة من الزمن تقصد من البلاد النائية لطلب العلم يقصدها الرحالون والمحدثون من خارج إيران لاستماع الحديث بها، فلا بد أن يكون المنتجب قد دخل سبزوار وقومس وبسطام، ولعله قرأ على شيخه الطبرسي في سبزوار أو في مشهد، وكذلك شيخ أبو البركات المشهدي فالظاهر أنه قرأ عليه في مشهد وزار الإمام الرضا ع بها، وكذلك هراة ومرو وبخارا وبلخ ونحوها من المدن التي يمر بها أو يقصدها والقرى المجاورة لها. وأما نيسابور فقد صرح بقراءته بها وسنذكرها.
5 طبرستان قد عدد الرافعي في التدوين في ترجمة منتجب الدين كما تقدم عدة من شيوخه الطبريين ثم قال: وضعفا من سمينا من شيوخ طبرستان مسموعاتهم وإجازاتهم.
وكلامه ظاهر في أنه رحل إلى طبرستان لطلب العلم، وتجول في مدنها وقراها، وقرأ على مشائخها، وسمع من أعلامها، وأجازوا له في الرواية عنهم، وهم من الكثرة بحيث لم يحصهم الرافعين بل عدد بعضا وترك أضعافا.
6 قزوين تقدم في أصبهان قول الرافعي أنه سمع الكثير بأصبهان وقزوين، وممن سمع منه بقزوين أبو المحاسن عبد الرحيم بن الشافعي الرعوي، وأبو الفضل الكرجي...
7 كاشان صرح المنتجب في ترجمة ضياء الدين أبي الرضا الراوندي أنه قرأ عليه.
والسيد أبو الرضا يومئذ زعيم كاشان وفقيهها ومفتيها، يقصده الرحالون لطلب العلم وسماع الحديث، وقد قصده أبو سعد السمعاني ورحل إليه وقرأ عليه كما يأتي في التعليق على ترجمته.
8 نيسابور صرح المنتجب في ترجمة السيد لطف الله النيسابوري أنه قرأ عليه كتبا بنيسابور.
ونيسابور يومئذ قبل غزو التتر لها حاضرة كبيرة من حواضر دنيا الاسلام، وعاصمة لها أهميتها من بين عواصم العلم والحديث والثقافات الاسلامية، ولكن لا نعلم تاريخ رحلته إليها ولا مدة بقائه بها، والظاهر أنه كان ذلك في أثناء رحلته إلى خوارزم وفي طريقه إليها.
ومهما كان فهي لا تبعد كثيرا من الري، فربما دخلها أكثر من مرة.
هذا ما توصلنا إليه من بلاد رحل إليها في سبيل العلم، وابتغاء سماع الحديث، وربما كان الذي خفي علينا أكثر مما ذكرنا.
مشائخه:
قال الرافعي في ترجمة المنتجب: الحافظ، شيخ ريان من علم الحديث سماعا وضبطا وحفظا وجمعا، يكتب ما يجد، ويسمع ممن يجد، ويقل من يدانيه في هذه الأعصار في كثرة الجمع والسماع، والشيوخ الذين سمع منهم وأجازوا له...
ثم سمى بعض مشائخه البغداديين والخراسانيين والطبريين والأصبهانيين كما تقدم نصه الكامل وقال: ثم الخلق الجم من الطبقة الذين بعدهم من أئمة أصبهان كإسماعيل الحمامي... وأقرانهم، وقس بالمذكورين أئمة سائر البلاد الذين أدرك زمانهم، وسمع الكثير بأصبهان وقزوين... ولم يزل كان يترقب بالري ويسمع ممن دب ودرج ودخل وخرج وجمع الجموع...
وقول: قل من يدانيه في هذه الأعصار في كثرة الجمع... شهادة عظيمة من مثل الرافعي في شان المنتجب، فان تلك الأعصار هي فترة كان فيها مثل الحافظ ابن عساكر، وأبي سعد السمعاني، والحافظ أبي طاهر السلفي وأضرابهم.
وقال ميرزا عبد الله أفندي في رياض العلماء 4 147 في ترجمة منتجب الدين: واعلم أن هذا الشيخ كثير الرواية عن المشائخ جدا، بحيث يزيد على مائة شيخ، بل يعسر حصرهم وجمعهم وإيرادهم...
وها ونحن نذكر من ظفرنا به من شيوخه وما خفي علينا منهم ولم نتمكن من الحصول عليهم أكثر:
1 أحمد بن إبراهيم أبو العباس الأخباري.
2 أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر، أبو الوفاء الصالحاني الأصفهاني المتوفى سنة 535، من أولاد المحدثين. ترجم السمعاني في الأنساب 8 255 لجده أبي ذر وغير واحد من أسرته، وترجم ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد له ولابنه أبي طاهر عبد المنعم، وترجم له الصفدي في الوافي بالوفيات.
3 أحمد بن الحسين بن بابا الأذوني، روى عنه المنتجب الحديث السابع من الأربعين قراءة عليه. ترجم له في مطلع البدور وقال: أحمد بن الحسن بن أبي القاسم بابا الأذوني من تلامذة الامام المرشد بالله وهو شيخ الكني المتقدم.
أقول: روى عنه في كتاب الأربعين في الحديث السابع، وروى هو عن أبي الحسين.
وفي معجم البلدان: قصران الداخل وقصران الخارج، وهما ناحيتان كبيرتان بالري في جبالها، ينسب إليه أبو العباس أحمد بن الحسين بن أبي القاسم بن علي بن بابا القصراني الأذوني من أهل قصران الخارج، وأذون من