وصائحة تنادى واصباحا * وباكية لفقدان الشفيق وحوراء المدامع ذات دل * مضمخة المجاسد بالخلوق تفر من الحريق إلى انتهاب * ووالدها يفر إلى الحريق وسالبة الغزالة مقلتيها * مضاحكها كلالاة البروق حيارى كالهدايا مفكرات * عليهن القلائد في الحلوق ينادين الشفيق ولا شفيق * وقد فقد الشقيق من الشقيق وقوم خرجوا من ظل دنيا * متاعهم يباع بكل سوق ومغترب قريب الدار ملقى * بلا رأس بقارعة الطريق توسط من قتالهم جميعا * فما يدرون من أي الفريق فلا ولد يقيم على أبيه * وقد هرب الصديق بلا صديق ومهما أنس من شئ تولى * فإني ذاكر دار الرقيق وذكر أن قائد من قواد أهل خراسان ممن كان مع طاهر من أهل النجدة والبأس خرج يوما إلى القتال فنظر إلى قوم عراة لا سلاح معهم فقال لأصحابه ما يقاتلنا إلا من أرى استهانة بأمرهم واحتقارا لهم فقيل له نعم هؤلاء الذين ترى هم الآفة فقال أف لكم حين تنكصون عن هؤلاء وتخيمون عنهم وأنتم في السلاح الظاهر والعدة والقوة ولكم مالكم من الشجاعة والنجدة وما عسى أن يبلغ كيد من أرى من هؤلاء ولا سلاح معهم ولا عدة لهم ولا جنة تقيهم فأوتر قوسه وتقدم وأبصر بعضهم فقصد نحوه وفى يده بارية مقبرة وتحت إبطه مخلاة فيها حجارة فجعل الخراساني كلما رمى بسهم استتر منه العيار فوقع في باريته أو قريبا منه فيأخذه فيجعله في موضع من باريته قد هيأه لذلك وجعله شبيها بالجعبة وجعل كلما وقع سهم أخذه وصاح دانق أي ثمن النشابة دانق قد أحرزه ولم يزل تلك حالة الخراساني وحال العيار حتى أنفذ الخراساني سهامه ثم حمل على العيار ليضربه بسيفه فأخرج من مخلاته حجرا فجعله في مقلاع ورماه فما أخطأ به عينه ثم ثناه بآخر فكاد يصرعه عن فرسه لولا تحاميه وكر راجعا وهو يقول ليس هؤلاء
(٦٠)