في نفاد الزاد والعلوفة التي معهم فلا يكون لهم قوة ويموتون هزلا فيأخذهم البجة بالأيدي فلما توهم عظيم البجة أن الأزواد قد نفدت أقبلت السبع المراكب التي حملها القمي حتى خرجت إلى ساحل من سواحل البحر في موضع يعرف بصنجة فوجه القمي إلى هنالك جماعة من أصحابه يحمون المراكب من البجة وفرق ما كان فيها على أصحابه واتسعوا في الزاد والعلوفة فلما رأى ذلك على بابا رئيس البجة قصد لمحاربتهم وجمع لهم فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا وكانت الإبل التي يحاربون عليها إبلا زعرة تكثر الفزع والرعب من كل شئ فلما رأى ذلك القمي جمع أجراس الإبل والخيل التي كانت في عسكره كلها فجعلها في أعناق الخيل ثم حمل على البجة فنفرت ابلهم لأصوات الأجراس واشتد رعبها فحملتهم على الجبال والأودية فمزقتهم كل ممزق واتبعهم القمي بأصحابه فأخذهم قتلا وأسرا حتى أدركه الليل وذلك في أول سنة 241 ثم رجع إلى معسكره ولم يقدر على احصاء القتلى لكثرتهم فلما أصبح القمي وجدهم قد جمعوا جمعا من الرجالة ثم صاروا إلى موضع أمنوا فيه طلب القمي فوافاهم القمي في الليل في خيله فهرب ملكهم فأخذ تاجه ومتاعه ثم طلب على بابا الأمان على أن يرد إلى مملكته وبلاده فأعطاه القمي ذلك فأدى إليه الخراج للمدة التي كان منعها وهى أربع سنين لكل سنة أربعمائة مثقال واستخلف على بابا على مملكته ابنه لعيسى وانصرف القمي بعلى بابا إلى باب المتوكل فوصل إليه في آخر سنة 241 فكسا على بابا هذا دراعة ديباج وعمامة سوداء وكسا جمله رجلا مدبجا وجلال ديباج ووقف بباب العامة مع قوم من البجة نحو من سبعين غلاما على الإبل بالرحال ومعهم الحراب في رؤس القوم الذين قتلوا من عسكرهم قتلهم القمي فأمر المتوكل أن يقبضوا من القمي يوم الأضحى من سنة 241 وولى المتوكل البجة وطريق ما بين مصر ومكة سعدا الخادم الايتاخى فولى سعد محمد ابن عبد الله القمي فخرج القمي بعلى بابا وهو مقيم على دينه فذكر بعضهم أنه رأى معه صنما من حجارة كهيئة الصبى يسجد له (ومات) في هذه السنة يعقوب بن إبراهيم المعروف بقوصرة في جمادى الآخرة (وحج) بالناس في هذه السنة عبد الله
(٣٧٩)