الحلواني أنه قال أتيت البيت الذي كان لمحمد بن عبد الملك يجلس فيه فرأيته رث الهيئة قليل المتاع ورأيت فيه طنافس أربعة وقناني رطليات فيها شراب ورأيت بيتا ينام فيه جواريه فرأيت فيه بوريا ومخاد منضدة في جانب البيت على أن جواريه كن ينمن فيه بلا فرش * وذكر أن المتوكل وجه في هذا اليوم من قبض ما في منزله من متاع ودواب وجوار وغلمان فصير ذلك كله في الهاروني ووجه راشدا المغربي إلى بغداد في قبض ما هنالك من أمواله وخدمه وأمر أبا الوزير يقبض ضياعه وضياع أهل بيته حيث كانت فأما ما كان بسامرا فحمل إلى خزائن مسرور سيمانة بعد أن اشترى للخليفة وقيل لمحمد بن عبد الملك وكل ببيع متاعك وأتوه بالعباس بن أحمد بن رشيد كاتب عجيف فوكله بالبيع عليه فلم يزل أياما في حبسه مطلقا ثم أمر بتقييده فقيد وامتنع من الطعام وكان لا يذوق شيئا وكان شديد الجزع في حبسه كثير البكاء قليل الكلام كثير التفكر فمكث أياما ثم سوهر ومنع من النوم يساهر وينخس بمسلة ثم ترك يوما وليلة فنام وانتبه فاشتهى فاكهة وعنبا فأتى به فأكل ثم أعيد إلى المساهرة ثم أمر بتنور من خشب فيه مسامير حديد * فذكر عن ابن أبي دؤاد وأبى الوزير أنهما قالا هو أول من أمر بعمل ذلك فعذب به ابن أسباط المصري حتى استخرج منه جميع ما عنده ثم ابتلى به فعذب به أياما * فذكر عن الدنداني عن الموكل بعذابه أنه قال كنت أخرج وأقفل الباب عليه فيمد يديه إلى السماء جميعا حتى يدق موضع كتفيه ثم يدخل التنور فيجلس والتنور فيه مسامير حديد وفى وسطه خشبة معترضة يجلس عليها المعذب إذا أراد أن يستريح فيجلس على الخشبة ساعة ثم يجئ الموكل به فإذا هو سمع صوت الباب يفتح قام قائما كما كان ثم شددوا عليه قال المعذب له خاتلته يوما وأريته أنى أقفلت الباب ولم أقفله إنما أغلقته بالقفل ثم مكثت قليلا ثم دفعت الباب غفلة فإذا هو قاعد في التنور على الخشبة فقلت أراك تعمل هذا العمل فكنت إذا خرجت بعد ذلك شددت خناقه فكان لا يقدر على القعود واستللت الخشبة حتى كانت تكون بين رجليه فما مكث
(٣٤٥)