دعوتني إلى الجنة عيانا من حيث أعلم أكان الله يحب أن أغدر به وأكفر احسانه ومنته وأنكث بيعته فسكت الرجل فقال له عبد الله أما انه قد بلغني أمرك وتالله ما أخاف عليك إلا نفسك فارحل عن هذا البلد فان السلطان الأعظم إن بلغه أمرك وما آمن ذلك عليك كنت الجاني على نفسك ونفس غيرك فلما أيس الرجل مما عنده جاء إلى المأمون فأخبره الخبر فاستبشر وقال ذلك غرس يدي وإلف أدبى وترب تلقيحي ولم يظهر من ذلك لاحد شيئا ولاعلم به عبد الله إلا بعد موت المأمون وذكر عن عبد الله بن طاهر أنه قال وهو محاصر بمصر عبيد الله بن السرى بكرت تسبل دمعا * إن رأت وشك براحى وتبدلت صقيلا * يمنيا بوشاحي وتماديت بسير * لغدو ورواح زعمت جهلا بأني * تعب غير مراح أقصرى عنى فإني * سالك قصد فلاحى أنا للمأمون عبد * منه في ظل جناح إن يعاف الله يوما * فقريب مستراحى أو يكن هلك فقولي * بعويل وصياح حل في مصر قتيل * ودعى عنك التلاحى وذكر عن عبد الله بن أحمد بن يوسف أن أباه كتب إلى عبد الله بن طاهر عند خروج عبيد الله بن السرى إليه يهنئه بذلك الفتح بلغني أعز الله الأمير ما فتح الله عليك وخروج ابن السرى إليك فالحمد لله الناصر لدينه المعز لدولة خليفته على عباده المذل لمن عند عنه وعن حقه ورغب عن طاعته ونسأل الله أن يظاهر له النعم ويفتح له بلدان الشرك والحمد لله على ما وليك به مذ ظعنت لوجهك فإنا ومن قبلنا نتذاكر سيرتك في حربك وسلمك ونكثر التعجب لما وفقت له من الشدة والليان في مواضعهما ولا نعلم سائس جند ورعية عدل بينهم عدلك ولا عفا بعد القدرة عمن آسفه وأضغنه عفوك ولقل ما رأينا ابن شرف لم يلق بيده متكلا على
(١٨٦)