في تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون منافى تور ذهب فأنكر المأمون ذلك عليهم وقال هذا سرف فلما كان من الغد دعا بإبراهيم بن المهدى فجاء يمشى من شاطئ دجلة عليه مبطنة ملحم وهو معتم بعمامة حتى دخل فلما رفع الستر عن المأمون رمى بنفسه فصاح المأمون يا عم لا بأس عليك فدخل فسلم عليه تسليم الخلافة وقبل يده وأنشد شعره ودعا بالخلع فخلع عليه خلعة ثانية ودعا له بمركب وقلده سيفا وخرج فسلم على الناس ورد إلى موضعه * وذكر أن المأمون أقام عند الحسن بن سهل سبعة عشر يوما يعد له في كل يوم لجميع من معه جميع ما يحتاج إليه وأن الحسن خلع على القواد على مراتبهم وحملهم ووصلهم وكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم قال وأمر المأمون غسان بن عباد عند منصرفه أن يدفع إلى الحسن عشرة آلاف ألف من مال فارس وأقطعه الصلح فحملت إليه على المكان وكانت معدة عند غسان بن عباد فجلس الحسن ففرقها في قواده وأصحابه وحشمه وخدمه فلما انصرف المأمون شيعه الحسن ثم رجع إلى فم الصلح * فذكر عن أحمد بن الحسن بن سهل قال كان أهلنا يتحدثون أن الحسن بن سهل كتب رقاعا فيها أسماء ضياعه ونثرها على القواد وعلى بني هاشم فمن وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضيعة بعث فتسلمها * وذكر عن أبي الحسن علي بن الحسين بن عبد الاعلى الكاتب قال حدثني الحسن بن سهل يوما بأشياء كانت في أم جعفر ووصف رجاحة عقلها وفهمها ثم قال سألها يوما المأمون بفم الصلح حيث خرج إلينا عن النفقة على بوران وسأل حمدونة بنت غضيض عن مقدار ما أنفقت في ذلك الامر قال فقالت حمدونة أنفقت خمسة وعشرين ألف ألف قال فقلت أم جعفر ما صنعت شيئا قد أنفقت ما بين خمسة وثلاثين ألف ألف إلى سبعة وثلاثين ألف ألف درهم قال وأعددنا له شمعتين من عنبر قال فدخل بها ليلا فأوقدتا بين يديه فكثر دخانهما فقال ارفعوهما قد أذانا الدخان وهاتوا الشمع قال ونحلتها أم جعفر في ذلك اليوم الصلح قال فكان سبب عود الصلح إلى ملكي وكانت قبل ذلك لي فدخل على يوما حميد الطوسي فأقرأني أربعة أبيات امتدح بها ذا الرئاستين فقلت له ننفذها لك إلى ذي الرئاستين
(١٧٩)