فلما صاروا بالنيل بلغهم خبر العباس بن موسى بن جعفر العلوي وما يدعو إليه أهل الكوفة وأنه قد أجابه قوم كثير منهم وقال له قوم آخرون إن كنت تدعو للمأمون ثم من بعده لأخيك فلا حاجة لنا في دعوتك وإن كنت تدعو إلى أخيك أو بعض أهل بيتك أو إلى نفسك أجبناك فقال أنا أدعو إلى المأمون ثم من بعده لاخى فقعد عنه الغالية من الرافضة وأكثر الشيعة وكان يظهر أن حميدا يأتيه فيعينه ويقويه وأن الحسن يوجه إليه قوما من قبله مددا فلم يأته منهم أحد وتوجه إليه سعيد وأبو البط من النيل إلى الكوفة فلما صاروا بدير الأعور أخذوا طريقا يخرج بهم إلى عسكر هرثمة عند قرية شاهي فلما التأم إليه أصحابه خرجوا يوم الاثنين لليلتين خلتا من جمادى الأولى فلما صاروا قرب القنطرة خرج عليهم علي بن محمد بن جعفر العلوي بن المبايع كان له بمكة وأبو عبد الله أخو أبى السرايا ومعهم جماعة كثيرة وجههم مع علي بن محمد ابن عمه صاحب الكوفة العباس بن موسى بن جعفر فقاتلوهم ساعة فانهزم على وأصحابه حتى دخلوا الكوفة وجاء سعيد وأصحابه حتى نزلوا الحيرة فلما كان يوم الثلاثاء غدوا فقاتلوهم مما يلي دار عيسى بن موسى وأجابهم العباسيون ومواليهم فخرجوا إليهم من الكوفة فاقتتلوا يومهم إلى الليل وشعارهم يا إبراهيم يا منصور لا طاعة للمأمون وعليهم السواد وعلى العباس وأصحابه من أهل الكوفة الخضرة فلما كان يوم الأربعاء اقتتلوا في ذلك الموضع فكان كل فريق منهم إذا ظهروا على شئ أحرقوه فلما رأى ذلك رؤساء أهل الكوفة أتوا سعيدا وأصحابه فسألوه الأمان للعباس بن موسى بن جعفر وأصحابه على أن يخرج من الكوفة فأجابوهم إلى ذلك ثم أتوا العباس فأعلموه وقالوا إن عامة من معك غوغاء وقد ترى ما يلقى الناس من الحرق والنهب والقتل فاخرج من بين أظهرنا فلا حاجة لنا فيك فقبل منهم وخاف أن يسلموه وتحول من منزله الذي كان فيه بالكناسة ولم يعلم أصحابه بذلك وانصرف سعيد وأصحابه إلى الحيرة وشد أصحاب العباس بن موسى على من بقى من أصحاب سعيد وموالى عيسى بن موسى العباسي فهزموهم حتى بلغوا بهم الخندق ونهبوا ربض عيسى بن موسى فأحرقوا الدور
(١٤٤)