به كما أنه أجنبي عن المقام على ما أشرنا إليه وإلى دليله في أول المقام السابق.
وليس المراد بها في المقام إلا صحة نفس العمل بالنحو الملازم لترتب الأثر، التي يقابلها الفساد الملازم لعدم ترتبه.
والظاهر أن الصحة بالمعنى المذكور منتزعة من مطابقة العمل الخارجي للماهية الخاصة ذات الآثار الخاصة المقصودة به. فهي راجعة لاستجماع العمل للأجزاء والشرائط المعتبرة في الماهية المذكورة، سواء كانت تلك الماهية مطلوبة بنفسها شرعا - كما في العبادات وبعض المعاملات، كوفاء الدين - أم لا، بل كان الإتيان بها لأجل آثارها المترتبة عليها - كالتذكية وكثير من العقود والإيقاعات - بل وإن كانت مبغوضة شرعا كالطلاق والظهار.
والصحة بهذا المعنى وإن كانت ملازمة في الجملة لترتب الأثر العقلي - كالإجزاء في العبادات - أو الشرعي - كالملكية في البيع، وجواز الاستمتاع في النكاح، وحرمته في الطلاق والظهار - إلا أنها ليست عبارة عنه، بحيث تكون منتزعة منه، ويكون التبعد بها تعبدا به.
لوضوح أن مبنى التعبد بالصحة في القاعدة أنها مقتضى الأصل في فعل الفاعل، وهو إنما يكون بلحاظ أن القصد إلى الشئ يقتضي تحقيقه، بتحقيق تمام ما يعتبر فيه، مع أن الفاعل قد يجهل الأثر المترتب على الفعل، ليكون قاصدا له عند فعله ويحقق تمام ما يعتبر في تحققه، بل لا يقصد إلا الماهية، وقصدها لا يقتضي إلا تحقيق ما يعتبر فيها، وترتب الأثر لازما لذلك.
وأما ما ذكره بعض المحققين قدس سره من أن الصحة بهذا المعنى من الأمور الواقعية غير القابلة للتعبد، وليس القابل له إلا الأثر الشرعي، وهو في المعاملات ظاهر، وأما العبادات فحيث كانت آثارها واقعية غير جعلية فلابد من إرجاع التعبد بالصحة فيها إلى التعبد بعدم وجوب الإعادة.
فهو مبنى على أن مفاد التعبد بالشيء هو الحكم به ظاهرا في قبال الحكم