التنبيه الثالث: في أن إطلاق الخطاب هل يقتضي الإتيان بالفرد المباح؟
هل الخطاب بإطلاقه، يقتضي الإتيان في مقام الامتثال بالمصداق المباح، فلا يسقط الأمر بالمصداق المحرم، أم قضية الإطلاق هو التوسعة، كما في جميع المواقف.
وقبل الإشارة إلى مقتضى الدليل الاجتهادي، لا بد من تحرير محل النزاع، ولقد خفي على الباحثين كلهم، لوقوعهم في بحث جواز اجتماع الأمر والنهي، وفي مسألة النهي عن العبادات، وهو بعيد عن ساحتهم مع توغلهم في الأصول، وذلك لأن الجهة المبحوث عنها هنا: هي أنه بعد مفروغية إمكان الامتثال بالفرد المحرم عقلا، فهل هو كاف عرفا وعند العقلاء، أم لا بد من الامتثال بالفرد المباح؟
فكون الواجب تعبديا ينافي الحرمة، أو كون النسبة عموما مطلقا، تناقض إطلاق الملاك في المطلق، وكون التركيب اتحاديا يضاد حفظ الخطاب والتكليف، كلها أجنبية عما نحن فيه.
فهذه المسألة كسابقاتها، مسألة عقلائية استظهارية من إرسال الخطاب مع إمكان الامتثال حسب درك العقل بدوا. ولذلك تكون الجهة المبحوث عنها، أعم من كون المأمور به مصداق المحرم بعنوان آخر منطبق عليه - كالغسل، والتصرف في ماء الغير، وكالصلاة في الدار المغصوبة - ومن كونه مستلزما للمحرم، أو متوقفا عليه.
فعليه نقول: إن المراد من " الإطلاق " هنا، ليس الإطلاق المصطلح عليه في