ذلك دليلا على صحة نفس الخبر، لجواز أن يكون الخبر كذبا وإن وافق السنة المقطوع بها.
ومنها: أن يكون موافقا لما أجمعت الفرقة المحقة عليه، فإنه متى كان كذلك دل أيضا على صحة متضمنه. ولا يمكننا أيضا أن نجعل إجماعهم دليلا على صحة نفس الخبر، لأ نهم يجوز أن يكونوا أجمعوا على ذلك عن دليل غير هذا الخبر أو خبر غير هذا الخبر ولم ينقلوه استغناء بإجماعهم على العمل به، ولا يدل ذلك على صحة نفس هذا الخبر.
فهذه القرائن كلها تدل على صحة متضمن أخبار الآحاد، ولا يدل على صحتها أنفسها، لما بيناه من جواز أن تكون الأخبار مصنوعة وإن وافقت هذه الأدلة.
فمتى تجرد الخبر عن واحد من هذه القرائن كان خبرا واحدا محضا، ثم ينظر فيه فإن كان ما تضمنه هذا الخبر هناك ما يدل على خلاف متضمنه من كتاب أو سنة أو إجماع وجب إطراحه والعمل بما دل الدليل عليه. وإن كان ما تضمنه ليس هناك ما يدل على العمل بخلافه ولا يعرف فتوى الطائفة فيه نظر، فإن كان هناك خبر آخر يعارضه مما يجري مجراه وجب ترجيح أحدهما على الآخر - وسنبين من بعد ما يرجح به الأخبار بعضها على بعض - وإن لم يكن هناك خبر آخر يخالفه وجب العمل به، لأن ذلك دليل إجماع منهم على نقله، وإذا أجمعوا على نقله وليس هناك دليل على العمل بخلافه فينبغي أن يكون العمل به مقطوعا عليه. وكذلك إن وجد هناك فتاوى مختلفة من الطائفة وليس للقول المخالف له مستند إلى خبر آخر ولا إلى دليل يوجب العلم وجب اطراح القول الآخر والعمل بالقول الموافق لهذا الخبر، لأن ذلك القول لابد أن يكون عليه دليل، فإذا لم يكن هناك دليل يدل على صحته ولسنا نقول بالاجتهاد والقياس حتى يسند ذلك القول إليه ولا هناك خبر آخر يضاف إليه، وجب أن يكون ذلك القول مطروحا ووجب العمل بهذا الخبر والأخذ بالقول الذي يوافقه.
وأما القرائن التي تدل على العمل بخلاف ما يتضمنه الخبر الواحد فهو أن يكون هناك دليل مقطوع به من كتاب أو سنة مقطوع بها أو إجماع من الفرقة المحقة على