لا يقال: عسى أن يكون الإباء بطريق الأولوية.
لأ نا نقول: هذا نظير أن يقال التنافي بين الأمرين بطريق الأولوية.
الرابع: بديهة امتناع استناد إيجاد شيء إلى نفسه. واحتمال استناد الوجود إلى الماهية واضح الفساد، لا سيما إذا لاحظنا الدليل الدال على أن الماهيات مجعولة بجعل البسيط، وهو أن أثر الفاعل يجب أن يكون موجودا لا انتزاعيا.
فنقول: وجود الممكن بهذه الأولوية هل بطريق التأثير والاقتضاء أم لا كما في وجود الواجب تعالى؟ والأول باطل كما مر. والثاني باطل، لأ نه يلزم وجود ممكن من غير تأثير. ولا يصح ذلك - أي وجود شيء من غير تأثير - إلا في شيء يكون ذاته آبيا عن عروض العدم، كما أن الوجود آب عن الاجتماع مع العدم. وإلى هذا يؤول كلام جمع من الحكماء حيث قالوا: " وجوده تعالى عين ذاته " أي سائر الأشياء ينافي العدم إذا أخذت بشرط الوجود، وذاته تعالى ينافي العدم من حيث هو هو. وهذا معنى قولهم: " الصفات الحقيقية في حقه تعالى عين ذاته " أي يترتب على ذاته من حيث هو هو آثار تلك الصفات على أكمل وجه. ولذلك قيل: للوجود أسوة حسنة لسائر صفاته، بل لسائر صفاته أسوة حسنة به، يعني معنى عينية الوجود وعينية الصفات واحد، وهو أن ذاته تعالى ينافي العدم من حيث هو هو، وذاته تعالى من حيث هو هو مبدأ آثار الصفات، وإلا فالحق المستفاد من كلام أصحاب العصمة (عليهم السلام) أن الوجود مفهوم انتزاعي في حقه تعالى أيضا وأن الصفات الحقيقية في حقه تعالى معدومة. ولا تغفل من أن الدلالة التي ذكرناها لإبطال الأولوية الذاتية تقتضي صحة مذهب من قال بالوجوب السابق، أي إذا وجدت [العلة] التامة لا يجوز عدم المعلول.
ومن جملة تحيراتهم:
أن الأشاعرة جوزوا أن يرجح الفاعل الإرادي أحد طرفي المعلول بحسب الوقوع على الطرف الآخر لا لأجل علة غائية. والحكماء والمعتزلة ذهبوا إلى أن ذلك يستلزم ترجح أحد طرفي الممكن من غير مرجح، أي فاعل، لأن ترجيح