قد أبيح له الرواية بالمعنى واللفظ معا، فأيهما كان أسهل عليه رواه. وإن كان الذي يروي الخبر بالمعنى لا يكون ضابطا للمعنى أو يجوز أن يكون غالطا فيه ينبغي أن يؤخذ بخبر من رواه على اللفظ.
وإذا كان أحد الراويين أعلم وأفقه وأضبط من الآخر فينبغي أن يقدم خبره على خبر الآخر ويرجح عليه، ولأجل ذلك قدمت الطائفة ما يرويه زرارة ومحمد بن مسلم وبريد وأبو بصير والفضيل بن يسار ونظراؤهم من الحفاظ الضابطين على رواية من ليس له تلك الحال.
ومتى كان أحد الراويين متيقظا في روايته والآخر ممن يلحقه غفلة ونسيان في بعض الأوقات فينبغي أن يرجح خبر الضابط المتيقظ على خبر صاحبه، لأ نه لا يؤمن أن يكون قد سها أو دخل عليه شبهة أو غلط في روايته وإن كان عدلا لم يتعمد ذلك، وذلك لا ينافي العدالة على حال.
وإذا كان أحد الراويين يروي سماعا وقراءة والآخر يرويه إجازة فينبغي أن يقدم رواية السامع على رواية المستجيز. اللهم إلا أن يروي المستجيز بإجازته أصلا معروفا أو مصنفا مشهورا فيسقط حينئذ الترجيح.
وإذا كان أحد الراويين يذكر جميع ما يرويه ويقول: إ نه سمعه وهو ذاكر لسماعه والآخر يرويه من كتابه نظر في حال الراوي من كتابه، فإن ذكر أن جميع ما في كتابه سماعه فلا ترجيح لرواية غيره على روايته، لأ نه ذكر على الجملة أنه سمع جميع ما في دفتره وإن لم يذكر تفاصيله وإن لم يذكر أنه سمع جميع ما في دفتره - وإن وجده بخطه أو وجد سماعه عليه في حواشيه بغير خطه - فلا يجوز له أولا أن يرويه ويرجح خبر غيره عليه.
وإذا كان أحد الراويين معروفا والآخر مجهولا قدم خبر المعروف على خبر المجهول، لأ نه لا يؤمن أن يكون المجهول على صفة لا يجوز معها قبول خبره.
وإذا كان أحد الراويين مصرحا والآخر مدلسا فليس ذلك مما يرجح به خبره، لأن التدليس هو أن يذكره باسم أو صفة غريبة أو ينسبه إلى قبيلة أو صناعة وهو