أقول: غير خاف على اللبيب أن خلاصة ما ذكره (عليه السلام) جارية في مطلق الاستنباطات الظنية سواء كانت من باب القياس والاستحسان والاستصحاب أصالة البراءة من الأحكام الشرعية، أو من باب غيرها من المدارك التي اعتبرتها العامة وجماعة من الخاصة *.
ومن أعجب العجائب! أن شيخنا الشهيد (رحمه الله) ذكر في كتاب الذكرى: أن أصالة البراءة تفيد القطع واليقين (2) مع أنها لا تفيد الظن على مذهب أهل الحق، وهو أنه لم تخل واقعة عن حكم قطعي وارد من الله تعالى. فاعتبروا يا أولي الأبصار!
وفي الكافي - في باب اختلاف الحديث - عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام): إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟
____________________
الحكمة عند العقل وقوع الاختلاف في حكم من أحكام الدين بين أهله فهو خلاف الوجدان وخلاف ما أخبرت به الرسل، وقد حصل الاختلاف بين القراء في زمانه (عليه السلام) وثبت بالتواتر قراءة السبع. وكون الرسل مرسلين للهداية ورفع الاختلاف لا ينافي عدم حصول ذلك من تقصير المكلفين ومخالفتهم للحق وعدم التفاتهم لتحصيله من أهله، كما أن الإسلام لم يحصل بجميع الناس مع أن الرسول ما جاء إلا لهداية الإنس والجن.
* لو حصل الاعتبار الصحيح لأغنى المصنف في هذا الباب عن الإطالة والإكثار والإقدام على حمل كلام الأئمة (عليهم السلام) على غير مقتضاه ومعناه عند الاختبار، وقد نبهنا على مصداق ذلك مرارا سابقا.
* لو حصل الاعتبار الصحيح لأغنى المصنف في هذا الباب عن الإطالة والإكثار والإقدام على حمل كلام الأئمة (عليهم السلام) على غير مقتضاه ومعناه عند الاختبار، وقد نبهنا على مصداق ذلك مرارا سابقا.