فهاهنا أمران: أحدهما: ادراك العقل حسن الأشياء وقبحها. والثاني: أن ذلك كاف في الثواب والعقاب وإن لم يرد شرع، ولا ملازمة بين الأمرين بدليل (وما كان ربك مهلك القرى بظلم) أي بقبح فعلهم (وأهلها غافلون) أي لم يأتهم الرسل والشرائع، ومثله (لولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم) أي من القبائح فيقولوا (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا) (1) انتهى كلام الفاضل الزركشي.
السؤال الخامس أن يقال: كيف عملكم معشر الأخباريين في حديث ضعيف يدل على وجوب فعل وجودي؟
وجوابه أن يقال:
نوجب التوقف (2) عن تعيين أحد المحتملات، ومصداقه في هذه المباحث أن لا يقع منه فعل أو قول أو ترك مبني على القطع بأحد المحتملات بعينه، ويجوز له أن يأتي بفعل أو قول أو ترك يجامع جميع المحتملات أو يجامع حال التردد والشك فيها، فإذا دار الفعل بين الوجوب والحرمة يجب عليه تركه ما دام كذلك، وإذا دار بين الوجوب والندب والكراهة فله فعله بنية مطلقة وله تركه *، ويجب السؤال والتفتيش عن الحكم ونحن معذورون مادمنا ساعين (3).
____________________
* بل الأولى في الجواب أن يقال: بعد العلم بضعف الحديث إن حصل معه مؤيد ومرجح عملنا به، وإلا رددناه بنص الكتاب الدال على عدم قبوله إذا علمنا عدم عدالة راويه. والتوقف إنما يكون مع تساوي الدليلين الواجب أو الراجح العمل بكل واحد منهما إن انفرد. والاحتياط