قال للحلال هذا حرام وللحرام: هذا حلال ودان بذلك، فعندها يكون خارجا من الإيمان والإسلام إلى الكفر، وكان بمنزلة رجل دخل إلى الحرم ثم دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا فأخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار.
قال مصنف هذا الكتاب (١): كان المراد من هذا الحديث: ما كان فيه من ذكر القرآن ومعنى ما فيه أنه غير مخلوق، أي غير مكذوب، ولا يعني به أنه غير محدث، لأ نه قد قال: " محدث غير مخلوق وغير أزلي مع الله تعالى ذكره " (٢) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
أقول (٣): هذا الحديث الشريف موافق لقولهم (عليهم السلام): " ستة أشياء من صنع الله ليس للعباد فيها صنع: النوم واليقظة، والرضا والغضب، والعلم، والجهل " (٤) وموافق لقول الحكماء وعلماء الإسلام: المفهومات الخبرية وغير الخبرية الضرورية الغير الاختيارية والكسبية الاختيارية كلها فائضة على النفوس من الله تعالى، لقوله تعالى: ﴿سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا﴾ (5).
ثم أقول: يستفاد من الأحاديث أن تأثيراته تعالى أنواع:
منها: خلق شيء بأمر كن.
ومنها: جعل أشياء أسبابا لوجود أشياء أخر، بأن يقال: كن سببا مستلزما لذلك.
ومنها: أن يقال: لا تكن شيء من أفعال الخير وأفعال الشر إلا بعد سبق مشيئتي وإرادتي وقدري وقضائي وإذني وكتاب وأجل. ولولا النوع الأخير لكان العبد مستطيعا تاما من كل فعل أراده، ولزم التفويض. وقولهم (عليهم السلام): " أبى الله أن بجري الأشياء إلا بأسبابها " (6) ناظر إلى ذلك.
فعلم من ذلك أن السبب قسمان: سبب طبيعي كطلوع الشمس لوجود النهار، وسبب غير طبيعي كجعل الله تعالى إصابة العين والسحر سببا مستلزما لوجود