فإنه كان من أصحاب الأصول أيضا. وتأليف أمثال هؤلاء أصولهم كان قبل الوقف، لأ نه وقع في زمان الصادق (عليه السلام) فقد بلغنا عن مشايخنا - قدس الله أرواحهم - أنه كان من دأب أصحاب الأصول انهم إذا سمعوا من أحد الأئمة (عليهم السلام) حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم كي لا يعرض لهم النسيان لبعضه أو كله بتمادي الأيام وتوالي الشهور والأعوام، والله أعلم بحقائق الأمور (1) انتهى [كلامه ادام الله ايامه] (2).
وأنا أقول: هذا الفاضل يوم تكلم بما تقدم نقله عنه من قوله: " والذي بعث المتأخرين على العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلك الاصطلاح الجديد...
الخ " (3) كان غافلا عن لازم هذا الكلام الأخير، لأن قوله: " كانوا يحترزون عن مجالستهم فضلا عن أخذ الحديث عنهم " وقوله: " فقبولهم لها وقولهم بصحتها لابد من ابتنائه على وجه صحيح " يستلزم أن يكون أحاديث الكافي كلها صحيحة، وكذلك كل حديث عمل به رئيس الطائفة (قدس سره) لأن الكليني صرح بصحة كل أحاديث الكافي (4) ورئيس الطائفة صرح بأنه لم يعمل إلا بحديث مأخوذ من الأصول المجمع عليها (5).
ولنشتغل بذكر كلام العدة فنقول: ذكر رئيس الطائفة في كتاب العدة - بعد نقل الأقوال المختلفة في العمل بخبر الواحد الخالي عن القرائن الموجبة للقطع بصحة مضمونه، أي بأن مضمونه حكم الله في الواقع -: فأما ما اخترته من المذهب، فهو أن خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة وكان ذلك مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أو عن واحد من الأئمة (عليهم السلام) وكان ممن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ولم يكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر، لأ نه إن كان هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر كان الاعتبار بالقرينة وكان ذلك موجبا للعلم - ونحن نذكر القرائن فيما بعد - جاز العمل به. والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة، فإني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم